Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 93-96)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فمال علـى آلهة قومه ضربـاً لها بـالـيـمين بفأس فـي يده يكسرهنّ ، كما : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قال : لـما خلا جعل يضرب آلهتهم بـالـيـمين . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك ، فذكر مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ ضَرْبـاً بـالـيَـمِينِ } فأقبل علـيهم يكسرهم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : ثم أقبل علـيهم كما قال الله ضربـاً بـالـيـمين ، ثم جعل يكسرهنّ بفأس فـي يده . وكان بعض أهل العربـية يتأوّل ذلك بـمعنى : فراغ علـيهم ضربـاً بـالقوّة والقدرة ، ويقول : الـيـمين فـي هذا الـموضع : القوّة : وبعضهم كان يتأوّل الـيـمين فـي هذا الـموضع : الـحلف ، ويقول : جعل يضربهنّ بـالـيـمين التـي حلف بها بقوله : { وَتاللّهِ لأَكِيدَنَّ أصْنامَكُمْ بَعْدَ أنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ } وذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله : « فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ صَفْقاً بـالـيَـمِينِ » . ورُوي نـحو ذلك عن الـحسن . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا خالد بن عبد الله الـجُشَمِي ، قال : سمعت الـحسن قرأ : « فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ صَفْقاً بـالـيَـمِينِ » : أي ضربـاً بـالـيـمين . وقوله : { فأَقْبَلُوا إلَـيْهِ يَزِفُّونَ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة ، وبعض قرّاء الكوفة : { فأَقْبَلُوا إلَـيْهِ يَزِفُّونَ } بفتـح الـياء وتشديد الفـاء من قولهم : زَفَّتِ النعامة ، وذلك أوّل عدوها ، وآخر مشيها ومنه قول الفرزدق : @ وَجاءَ قَرِيعُ الشَّوْلِ قَبْلِ إفـالِهَا يَزِفُّ وَجاءَتْ خَـلْفَهُ وَهْي زُفَّفُ @@ وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة : « يُزِفُّونَ » بضم الـياء وتشديد الفـاء من أزف فهو يزف . وكان الفرّاء يزعم أنه لـم يسمع فـي ذلك إلا زفَفْت ، ويقول : لعلّ قراءة من قرأه : « يَزِفُّونَ » بضم الـياء من قول العرب : أطْرَدتُ الرجل : أي صيرته طريداً ، وطردته : إذا أنت خسأته إذا قلت : اذهب عنا فـيكون يزفون : أي جاؤوا علـى هذه الهيئة بـمنزلة الـمزفوفة علـى هذه الـحالة ، فتدخـل الألف . كما تقول : أحمدت الرجل : إذا أظهرت حمده ، وهو مـحمد : إذا رأيت أمره إلـى الـحمد ، ولـم تنشر حمده قال : وأنشدنـي الـمفضَّل : @ تَـمَنَّى حُصَيْنٌ أنْ يَسُودَ جِذاعَهُ فأَمْسَى حُصَيْنٌ قَدْ أذَلَّ وأقْهَرا @@ فقال : أقْهَر ، وإنـما هو قُهِر ، ولكنه أراد صار إلـى حال قهر . وقرأ ذلك بعضهم : « يَزِفُونَ » بفتـح الـياء وتـخفـيف الفـاء من وَزَفَ يَزِف . وذُكر عن الكسائي أنه لا يعرفها ، وقال الفرّاء : لا أعرفها إلا أن تكون لغة لـم أسمعها . وذُكر عن مـجاهد أنه كان يقول : الوَزْف : النَّسَلان . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { إلَـيْهِ يَزِفُّوزنَ } قال : الوزيف : النَّسَلان . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا قراءة من قرأه بفتـح الـياء وتشديد الفـاء ، لأن ذلك هو الصحيح الـمعروف من كلام العرب ، والذي علـيه قراءة الفصحاء من القرّاء . وقد اختلف أهل التأويـل فـي معناه ، فقال بعضهم : معناه : فأقبل قوم إبراهيـم إلـى إبراهيـم يَجْرُون . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فأقْبَلُوا إلَـيْهِ يَزِفُّونَ } : فأقبلوا إلـيه يجرون . وقال آخرون : أقبلوا إلـيه يَـمْشُون . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { فأقْبَلُوا إلَـيْهِ يَزِفُّونَ } قال : يَـمْشُون . وقال آخرون : معناه : فأقبلوا يستعجلون . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، عن أبـيه { فَأَقْبَلُوا إلَـيْهِ يَزِفُّونَ } قال : يستعجلون ، قال : يَزِفّ : يستعجل . وقوله : { قالَ أتَعْبُدونَ ما تَنْـحِتُونَ } يقول تعالـى ذكره : قال إبراهيـم لقومه : أتعبدون أيها القوم ما تنـحتون بأيديكم من الأصنام ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قالَ أتَعْبُدُونَ ما تَنْـحِتُونَ } الأصنام . وقوله : { وَاللّهُ خَـلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ } يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قـيـل إبراهيـم لقومه : والله خـلقكم أيها القوم وما تعملون . وفـي قوله : { وَما تَعْمَلُونَ } وجهان : أحدهما : أن يكون قوله : « ما » بـمعنى الـمصدر ، فـيكون معنى الكلام حينئذٍ : والله خـلقكم وعملكم . والآخر أن يكون بـمعنى « الذي » ، فـيكون معنى الكلام عند ذلك : والله خـلقكم والذي تعملونه : أي والذي تعملون منه الأنصام ، وهو الـخشب والنـحاس والأشياء التـي كانوا ينـحِتون منها أصنامهم . وهذا الـمعنى الثانـي قصد إن شاء الله قتادةُ بقوله الذي : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَاللّهُ خَـلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ } : بأيْدِيكُمْ .