Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 97-100)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : قال قوم إبراهيـم لـما قال لهم إبراهيـم : { أتَعْبُدُونَ ما تَنْـحِتُونَ وَاللّهُ خَـلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ } ابنُوا لإبراهيـم بنـياناً ذُكر أنهم بنوا له بنـياناً يشبه التَّنُّور ، ثم نقَلوا إلـيه الـحطب ، وأوقدوا علـيه { فأَلْقُوهُ فـي الـجَحِيـمِ } والـجحيـم عند العرب : جمر النار بعضُه علـى بعض ، والنار علـى النار . وقوله : { فأَرَادُوا بِهِ كَيْداً } يقول تعالـى ذكره : فأراد قوم إبراهيـم بإبراهيـم كيداً ، وذلك ما كانوا أرادوا من إحراقه بـالنار . يقول الله : { فَجَعَلْناهُمْ } أي فجعلنا قوم إبراهيـم { الأسْفَلِـين } يعنـي الأذلِّـين حُجَّة ، وغَلَّبنا إبراهيـم علـيهم بـالـحجة ، وأنقذناه مـما أرادوا به من الكيد ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وأرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الأَسْفَلِـينَ } قال : فما ناظرهم بعد ذلك حتـى أهلكهم . وقوله : { وَقالَ إنّـي ذَاهِبٌ إلـى رَبّـي سَيَهْدِينِ } يقول : وقال إبراهيـم لـما أفْلَـجَه الله علـى قومه ونـجاه من كيدهم : { إنّـي ذاهِبٌ إلـى رَبّـي } يقول : إنـي مهاجِرٌ من بلدة قومي إلـى الله : أي إلـى الأرض الـمقدَّسة ، ومفـارقهم ، فمعتزلهم لعبـادة الله . وكان قتادة يقول فـي ذلك ما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَقالَ إنّـي ذاهِبٌ إلـى رَبِّـي سَيَهْدِينِ } : ذاهب بعمله وقلبه ونـيته . وقال آخرون فـي ذلك : إنـما قال إبراهيـم { إنّـي ذاهِبٌ إلـى رَبّـي } حنـي أرادوا أن يُـلْقُوه فـي النار . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق ، قال : سمعت سلـيـمان بن صُرَدَ يقول : لـما أرادوا أن يُـلْقوا إبراهيـم فـي النار { قالَ إنّـي ذاهِبٌ إلـى رَبّـي سَيَهْدِينِ } فجمع الـحطب ، فجاءت عجوز علـى ظهرها حطب ، فقـيـل لها : أين تريدين ؟ قالت : أريد أذهب إلـى هذا الرجل الذي يُـلْقَـى فـي النار فلـما أُلقـي فـيها ، قال : حَسْبِـيَ الله علـيه توكلت ، أو قال : حسبـي الله ونعم الوكيـل ، قال : فقال الله : { يا نارُ كُونِـي بَرْداً وَسَلاماً علـى إبْرَاهِيـمَ } قال : فقال ابن لُوط ، أو ابن أخي لوط : إن النار لـم تـحرقه من أجلـي ، وكان بـينهما قرابة ، فأرسل الله علـيه عُنُقـاً من النار فأحرقته . وإنـما اخترت القول الذي قلت فـي ذلك ، لأن الله تبـارك وتعالـى ذكر خبره وخبر قومه فـي موضع آخر ، فأخبر أنه لـما نـجاه مـما حاول قومه من إحراقه { قال إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي } ففسر أهل التأويـل ذلك أن معناه : إنـي مهاجر إلـى أرض الشام ، فكذلك قوله : { إنّـي ذَاهِبٌ إلـى رَبّـي } لأنه كقوله : { إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي } وقوله : { سَيَهْدِينِ } يقول : سيثبتنـي علـى الهدى الذي أبصرته ، ويعيننـي علـيه . وقوله : { رَبّ هَبْ لـي مِنَ الصَّالِـحِينَ } وهذا مسألة إبراهيـم ربه أن يرزقه ولداً صالـحاً يقول : قال : يا ربّ هب لـي منك ولداً يكون من الصالـحين الذين يطيعونك ، ولا يعصُونك ، ويصلـحون فـي الأرض ، ولا يفسدون ، كما : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { رَبّ هَبْ لِـي مِنَ الصَّالِـحِينَ } قال : ولداً صالـحاً . وقال : من الصالـحين ، ولـم يَقُلْ : صالـحاً من الصالـحين ، اجتزاءً بـمن ذكر من الـمتروك ، كما قال عزّ وجلّ : { وكانُوا فِـيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } بـمعنى زاهدين من الزاهدين .