Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 4-5)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وعجب هؤلاء الـمشركون من قريش أن جاءهم منذر ينذرهم بأس الله علـى كفرهم به من أنفسهم ، ولـم يأتهم مَلك من السماء بذلك { وَقالَ الكافِرُونَ هَذا ساحِرٌ كَذَّابٌ } يقول : وقال الـمنكرون وحدانـية الله : هذا ، يعنون مـحمداً صلى الله عليه وسلم ، ساحر كذّاب . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَعَجِبْوا أنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ } يعنـي مـحمداً صلى الله عليه وسلم { فقالَ الكافِرُونَ هَذَا ساحِرٌ كَذَّابٌ } . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قوله : { ساحِرٌ كَذَّابٌ } يعنـي مـحمداً صلى الله عليه وسلم . وقوله : { أجَعَلَ الآلِهَةَ إِلهاً وَاحِداً } يقول : وقال هؤلاء الكافرون الذين قالوا : مـحمد ساحر كذّاب : أجعل مـحمد الـمعبودات كلها واحداً ، يسمع دعاءنا جميعنا ، ويعلـم عبـادة كل عابد عبدَه منا { إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ } : أي إن هذا لشيء عجيب ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهاً وَاحِداً إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ } قال : عجب الـمشركون أن دُعوا إلـى الله وحده ، وقالوا : يسمع لـحاجاتنا جميعاً إله واحد ما سمعنا بهذا فـي الـملة الآخرة . وكان سبب قـيـل هؤلاء الـمشركين ما أخبر الله عنهم أنهم قالوه ، من ذلك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : " أسْأَلُكُمْ أنْ تُـجِيبُونِـي إلـى وَاحِدَةٍ تَدِينُ لَكُمْ بِها العَرَبُ ، وَتُعْطِيكُمْ بِها الـخَرَاجَ العَجَمُ " فقالوا : وما هي ؟ فقال : " تقولون لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ " فعند ذلك قالوا : أجَعَلَ الآلَهَةَ إلَهاً وَاحِداً تعجبـاً منهم من ذلك . ذكر الرواية بذلك : حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع ، قالا : ثنا أبو أُسامة ، قال : ثنا الأعمش ، قال : ثنا عبـاد ، عن سعيد بن جُبَـير ، عن ابن عبـاس ، قال : لـما مرض أبو طالب دخـل علـيه رهط من قريش فـيهم أبو جهل بن هشام فقالوا : إن ابن أخيك يشتـم آلهتنا ، ويفعل ويفعل ، ويقول ويقول ، فلو بعثت إلـيه فنهيته فبعث إلـيه ، فجاء النبـيّ صلى الله عليه وسلم فدخـل البـيت ، وبـينهم وبـين أبـي طالب قدر مـجلس رجل ، قال : فخشي أبو جهل إن جلس إلـى جنب أبـي طالب أن يكون أرق له علـيه ، فوثب فجلس فـي ذلك الـمـجلس ، ولـم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مـجلسا قرب عمه ، فجلس عند البـاب ، فقال له أبو طالب : أي ابن أخي ، ما بـال قومك يشكونك ؟ يزعمون أنك تشتـم آلهتهم ، وتقول وتقول قال : فأكثروا علـيه القول ، وتكلـم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عَمّ إنّـي أُرِيدُهُمْ عَلـى كَلِـمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقُولُونَهَا ، تَدِينُ لَهُمْ بِها العَرَبُ ، وَتُؤَدِّي إلَـيْهِمْ بِها العَجَمُ الـجِزْيَةَ " ففزعوا لكلـمته ولقوله ، فقال القوم : كلـمة واحدة ؟ نعم وأبـيك عَشْراً فقالوا : وما هي ؟ فقال أبو طالب : وأيّ كلـمة هي يا ابن أخي ؟ قال : " لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ " قال : فقاموا فِزعين ينفضون ثـيابهم ، وهم يقولون : { أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهاً وَاحِداً إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ } قال : ونزلت من هذا الـموضع إلـى قوله : { لـمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ } اللفظ لأبـي كريب . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا معاوية بن هشام ، عن سفـيان ، عن يحيى بن عمارة ، عن سعيد ابن جُبَـير عن ابن عبـاس ، قال : مرض أبو طالب ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده ، وهم حوله جلوس ، وعند رأسه مكان فـارغ ، فقام أبو جهل فجلس فـيه ، فقال أبو طالب : يا ابن أخي ما لقومك يشكونك ؟ قال : " يا عَمّ أُرِيدُهُمْ عَلـى كَلِـمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِها العَرَبُ ، وتُؤَدِّي إلَـيْهِمْ بِها العَجَمُ الـجِزْيَةَ " قال : ما هي ؟ قال : " لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ " فقاموا وهم يقولون : { ما سَمِعْنا بِهذَا فـي الـمِلَّةِ الآخرةِ إنْ هَذَا إلاَّ اخْتِلاقٌ } ونزل القرآن : { ص والقُرآنِ ذِي الذّكْرِ } ذي الشرف { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ } حتـى قوله : { أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهاً وَاحِداً } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن سفـيان ، عن الأعمش ، عن يحيى بن عمارة ، عن سعيد بن جُبَـير ، عن ابن عبـاس ، قال : مرض أبو طالب ، ثم ذكر نـحوه ، إلا أنه لـم يقل ذي الشرف ، وقال : إلـى قوله : { إنَّ هَذَا لَشْيءٌ عُجابٌ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن يحيى بن عمارة ، عن سعيد بن جُبَـير ، قال : مرض أبو طالب ، قال : فجاء النبـيّ صلى الله عليه وسلم يعوده ، فكان عند رأسه مقعدُ رجل ، فقام أبو جهل ، فجلس فـيه ، فشكَوا النبـيّ صلى الله عليه وسلم إلـى أبـي طالب ، وقالوا : إنه يقع فـي آلهتنا ، فقال : يا ابن أخي ما تريد إلـى هذا ؟ قال : " يا عمّ إنّـي أُريدُهُمْ علـى كَلِـمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِها العَرَبُ ، وتُؤَدّي إلَـيْهِمُ العَجَمُ الـجِزْيَةَ " قال : وما هي ؟ قال : " لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ " فقالوا : { أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهاً وَاحِداً إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ } .