Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 56-56)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : وأنيبوا إلى ربكم ، وأسلموا له { أنْ تَقُولَ نَفْسٌ } بمعنى لئلا تقول نفس : { يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ } ، وهو نظير قوله : { وألْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسي أنْ تَمِيدَ بِكُمْ } بمعنى : أن لا تميد بكم ، فأن ، إذ كان ذلك معناه ، في موضع نصب . وقولهُّ : { يا حَسْرَتا } يعني أن تقول : يا ندما ، كما : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثني أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : { يا حَسْرَتا } قال : الندامة . والألف في قوله { يا حَسْرَتا } هي كناية اسم المتكلم ، وإنما أريد : يا حسرتي ولكن العرب تحوّل الياء في كناية اسم المتكلم في الاستغاثة ألفا ، فتقول : يا ويلتا ، ويا ندما ، فيخرجون ذلك على لفظ الدعاء ، وربما قيل : يا حسرة على العباد ، كما قيل : يا لهف ، ويا لهفاً عليه وذكر الفراء أن أبا ثرْوانَ أنشده : @ تَزُورُونَها وَلا أزُورُ نِساءَكُمْ أَلَهْفِ لأَوْلادِ الإماء الحَوَاطِبِ @@ خفضاً كما يخفض في النداء إذا أضافه المتكلم إلى نفسه ، وربما أدخلوا الهاء بعد هذه الألف ، فيخفضونها أحياناً ، ويرفعونها أحياناً وذكر الفراء أن بعض بني أسد أنشد : @ يا رَبّ يا رَبَّاهِ إيَّاكَ أَسَلْ عَفْرَاءَ يا رَبَّاهُ مِنْ قَبْلِ الأجَلْ @@ خفضاً ، قال : والخفض أكثر في كلامهم ، إلا في قولهم : يا هَناه ، ويا هَنْتاه ، فإن الرفع فيها أكثر من الخفض ، لأنه كثير في الكلام ، حتى صار كأنه حرف واحد . وقوله : { على ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ } يقول : على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به ، وقصرت في الدنيا في طاعة الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزّة ، عن مجاهد ، في قوله : { يا حَسْرَتَا على ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ } يقول : في أمر الله . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { على ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ } قال : في أمر الله . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { على ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ } قال : تركت من أمر الله . وقوله : { وَإنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ } يقول : وإن كنت لمن المستهزئين بأمر الله وكتابه ورسوله والمؤمنين به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : { أنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ } قال : فلم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى جعل يسخر بأهل طاعة الله ، قال : هذا قول صنف منهم . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { وَإنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ } يقول : من المستهزئين بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالكتاب ، وبما جاء به .