Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بذلك جلّ ثناؤه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْماً } يقول : بغير حقّ ، { إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً } يوم القيامة ، بأكلهم أموال اليتامى ظلماً في الدنيا ، نارَ جهنم . { وَسَيَصْلَوْنَ } بأكلهم { سَعِيراً } . كما : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً } قال : إذا قام الرجل يأكل مال الـيتـيـم ظلـماً ، يبعث يوم القـيامة ولهب النار يخرج من فـيه ومن مسامعه ومن أذنـيه وأنفه وعينـيه ، يعرفه من رآه بأكل مال الـيتـيـم . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : أخبرنـي أبو هارون العبدي ، عن أبـي سعيد الـخدري ، قال : ثنا النبـيّ صلى الله عليه وسلم عن لـيـلة أُسْرِيَ به ، قال : " نَظَرْتُ فإذا أنا بِقَوْمٍ لَهُمْ مَشافِرُ كمَشافِرِ الإبِلِ وقَدْ وُكِّلِ بِهِمْ مِنْ يأْخُذُ بِـمَشافِرِهِمْ ، ثُمَّ يجْعَل فِـي أفْواهِهِمْ صخْراً مِنْ نارٍ يخْرُجُ مِنْ أسافِلِهِمْ ، قُلْتُ : يا جِبرِيـلُ مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قال : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يأْكُلُونَ أمْوال الـيَتامى ظُلْـماً إنَّـمَا يأْكَلُونَ فـي بُطُونِهمْ ناراً " حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } قال : قال أبـي : إن هذه لأهل الشرك حين كانوا لايورثونهم ويأكلون أموالهم . وأما قوله : { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } فإنه مأخوذ من الصَّلا ، والصَّلا : الاصطلاء بـالنار ، وذلك التسخن بها ، كما قال الفرزذق : @ وَقاتَلَ كَلْبُ الـحَيّ عَنْ نارِ أهْلِهِ لِـيَرْبِضَ فِـيها وَالصَّلا مُتَكَنَّفُ @@ وكما قال العجاج : @ وَصَالِـيَانِ للِصَّلاَ صُلِـيُّ @@ ثم استعمل ذلك فـي كل من بـاشر بـيده أمراً من الأمور ، من حرب أو قتال أو خصومة أو غير ذلك ، كما قال الشاعر : @ لَـمْ أكُنْ مِنْ جُناتِها عَلِـمَ اللَّـ ـهُ وإنَّـي بحَرّها الـيَوْمَ صَالِـي @@ فجعل ما بـاشر من شدّة الـحرب وإجراء القتال ، بـمنزلة مبـاشرة أذى النار وحرّها . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الـمدينة والعراق : { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } بفتـح الـياء علـى التأويـل الذي قلنا . وقرأ ذلك بعض الـمكيـين وبعض الكوفـيـين : { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } بضم الـياء ، بـمعنى يحرقون من قولهم : شاة مَصْلِـيّة ، يعنـي : مشوية . قال أبو جعفر : والفتـح بذلك أولـى من الضمّ لإجماع جميع القرّاء علـى فتـح الـياء فـي قوله : { لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } [ الليل : 15 ] ولدلالة قوله : { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } علـى أن الفتـح بها أولـى من الضم . وأما السعير : فإنه شدة حرّ جهنـم ، ومنه قـيـل : استعرت الـحرب : إذا اشتدت ، وإنـما هو مسعور ، ثم صرف إلـى سعير ، قـيـل : كف خضيب ، ولـحية دهين ، وإنـما هي مخضوبة صرفت إلـى فعيـل . فتأويـل الكلام إذًا : وسيصلون ناراً مسعرة : أي موقودة مشعلة ، شديداً حرّها . وإنـما قلنا إن ذلك كذلك ، لأن الله جلّ ثناؤه قال : { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعّرَتْ } [ التكوير : 12 ] فوصفها بأنها مسعورة ، ثم أخبر جلّ ثناؤه أن إكلة أموال الـيتامى يصلونها ، وهي كذلك ، فـالسعير إذًا فـي هذا الـموضع صفة للـجحيـم علـى ما وصفنا .