Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 2-2)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال أبو جعفر : يعنـي بذلك تعالـى ذكره أوصياء الـيتامى ، يقول لهم : وأعطوا يا معشر أوصياء الـيتامى أموالهم ، إذا هم بلغوا الـحلـم وأونس منهم الرشد . { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } يقول : ولا تستبدلوا الـحرام علـيكم من أموالهم بأموالكم الـحلال لكم . كما : حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله تعالـى : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } قال : الـحلال بـالـحرام . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي سفـيان ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } قال : الـحرام مكان الـحلال . قال أبو جعفر : ثم اختلف أهل التأويـل فـي صفة تبديـلهم الـخبـيث بـالطيب الذي نهوا عنه ومعناه ، فقال بعضهم : كان أوصياء الـيتامى يأخذون الـجيد من ماله والرفـيع منه ، ويجعلون مكانه للـيتـيـم الرديء والـخسيس ، فذلك تبديـلهم الذي نهاهم الله تعالـى عنه . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } قال : لا تعط زيفـاً وتأخذ جيداً . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن السديّ ، وعن يحيـى بن سعيد ، عن سعيد بن الـمسيب ومعمر ، عن الزهري ، قالوا : يعطي مهزولاً ويأخذ سميناً . وبه عن سفـيان ، عن رجل ، عن الضحاك ، قال : لا تعط فـاسداً وتأخذ جيداً . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنـم الـيتـيـم ، ويجعل مكانها الشاة الـمهزولة ، ويقول : شاة بشاة . ويأخذ الدرهم الـجيد ، ويطرح مكانه الزيف ، ويقول : درهم بدرهم . وقال آخرون : معنى ذلك : لا تستعجل الرزق الـحرام فتأكله قبل أن يأتـيك الذي قدّر لك من الـحلال . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } قال : لا تعجل بـالرزق الـحرام قبل أن يأتـيك الـحلال الذي قدّر لك . وبه عن سفـيان ، عن إسماعيـل ، عن أبـي صالـح مثله . وقال آخرون : معنى ذلك كالذي : حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } قال : كان أهل الـجاهلـية لا يورّثون النساء ، ولا يورّثون الصغار يأخذه الأكبر . وقرأ : { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } [ النساء : 127 ] قال : إذا لـم يكن لهم شيء ، { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدٰنِ } [ النساء : 127 ] لا يورثوهم ، قال ، فنصيبه من الـميراث طيب ، وهذا الذي أخذه خبـيث . قال أبو جعفر : وأولـى هذه الأقوال بتأويـل الآية قول من قال : تأويـل ذلك : ولا تتبدّلوا أموال أيتامكم أيها الأوصياء الـحرام علـيكم الـخبـيث لكم ، فتأخذوا رفـائعها وخيارها وجيادها « بـالطيب الـحلال لكم من أموالكم » { وتـجعلوا } الرديء الـخسيس بدلاً منه . وذلك أن تَبَدّل الشيء بـالشيء فـي كلام العرب أخذ شيء مكان آخر غيره ، يعطيه الـمأخوذ منه ، أو يجعله مكان الذي أخذ . فإذا كان ذلك معنى التبديـل والاستبدال ، فمعلوم أن الذي قاله ابن زيد من أن معنى ذلك : هو أخذ أكبر ولد الـميت جميع مال ميته ووالده دون صغارهم إلـى ماله ، قول لا معنى له ، لأنه إذا أخذ الأكبر من ولده جميع ماله دون الأصاغر منهم ، فلـم يستبدل مـما أخذ شيئاً . فما التبدّل الذي قال جلّ ثناؤه : { أَمْوٰلَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } ولـم يبدّل الآخذ مكان الـمأخوذ بدلاً ؟ وأما الذي قاله مـجاهد وأبو صالـح من أن معنى ذلك لا تتعجل الرزق الـحرام قبل مـجيء الـحلال ، فإنهما أيضاً إن لـم يكونا أرادا بذلك نـحو القول الذي روي عن ابن مسعود أنه قال : إن الرجل لـيحرم الرزق بـالـمعصية يأتـيها ، ففساده نظير فساد قول ابن زيد ، لأن من استعجل الـحرام فأكله ، ثم آتاه الله رزقه الـحلال فلـم يبدّل شيئاً مكان شيء ، وإن كانا أرادا بذلك أن الله جلّ ثناؤه نهى عبـاده أن يستعجلوا الـحرام فـيأكلوه قبل مـجيء الـحلال ، فـيكون أكلهم ذلك سببـاً لـحرمان الطيب منه ، فذلك وجه معروف ، ومذهب معقول يحتـمله التأويـل ، غير أن الأشبه فـي ذلك بتأويـل الآية ما قلنا ، لأن ذلك هو الأظهر من معانـيه ، لأن الله جلّ ثناؤه إنـما ذكر ذلك فـي قصة أموال الـيتامى وأحكامها ، فلا يكون ذلك من جنس حكم أوّل الآية ، فأخرجها من أن يكون من غير جنسه . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوٰلِكُمْ } . قال أبو جعفر : يعنـي بذلك تعالـى ذكره : ولا تـخـلطوا أموالهم يعنـي : أموال الـيتامى بأموالكم فتأكلوها مع أموالكم . كما : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : { وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوٰلِكُمْ } يقول : لا تأكلوا أموالكم وأموالهم ، تـخـلطوها فتأكلوها جميعاً . حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا أبو زهير ، عن مبـارك ، عن الـحسن ، قال : لـما نزلت هذه الآية فـي أموال الـيتامى ، كرهوا أن يخالطوهم ، وجعل ولـيّ الـيتـيـم يعزل مال الـيتـيـم عن ماله ، فشكوا ذلك إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : { وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَـٰمَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوٰنُكُمْ } [ البقرة : 220 ] قال : فخالطوهم واتَّقوا . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } . قال أبو جعفر : يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } إن أكلكم أموال أيتامكم مع أموالكم حوب كبـير . والهاء فـي قوله « إنَّهُ » دالة علـى اسم الفعل ، أعنـي الأكل . وأما الـحُوب : فإنه الإثم ، يقال منه : حاب الرجل يحوب حَوْبـاً وَحُوبـاً وحيابة ، ويقال منه : قد تـحوّب الرجل من كذا ، إذا تأثم منه . ومنه قول أمية بن الأسكر الليثي : @ وإنَّ مُهاجِرَيْنِ تَكَنَّفـاهُ غَدَاتَئِذٍ لقَدْ خَطِئا وَحابـا @@ ومنه قـيـل : نزلنا بَحوْبة من الأرض وبحيبة من الأرض : إذا نزلوا بـموضع سَوء منها . والكبـير : العظيـم ، فمعنى ذلك : إن أكلكم أموال الـيتامى مع أموالكم ، إثم عند الله عظيـم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو وعمرو بن علـيّ ، قالا : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله : { حُوباً كَبِيراً } قال : إثماً . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } قال : إثما عظيـماً . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { كَانَ حُوباً } أما حوبـا : فإثماً . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { حُوباً } قال : إثماً . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } يقول : ظلـماً كبـيراً . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن زيد ، يقول فـي قوله : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } قال : ذنبـاً كبـيراً ، وهي لأهل الإسلام . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا يحيـى بن سعيد ، قال : ثنا قرة بن خالد ، قال : سمعت الـحسن يقول : { حُوباً كَبِيراً } قال : إثماً والله عظيـماً .