Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 3-3)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وإن خفتـم يا معشر أولـياء الـيتامى ألا تقسطوا فـي صداقهنّ فتعدلوا فـيه ، وتبلغوا بصداقهنّ صدقات أمثالهنّ ، فلا تنكحوهنّ ، ولكن انكحوا غيرهنّ من الغرائب اللواتـي أحلهنّ الله لكم وطيبهنّ من واحدة إلـى أربع . وإن خفتـم أن تـجوروا إذا نكحتـم من الغرائب أكثر من واحدة ، فلا تعدلوا ، فـانكحوا منهنّ واحدة ، أو ما ملكت أيـمانكم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا ابن الـمبـارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنِّسَاءِ } فقالت : يا ابن أختـي ، هي الـيتـيـمة تكون فـي حجر ولـيها ، فـيرغب فـي مالها وجمالها ، ويريد أن ينكحها بأدنى من سنة صداقها ، فنهوا أن ينكحوهنّ إلا أن يقسطوا لهنّ فـي إكمال الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما سواهنّ من النساء . حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرنـي عروة بن الزبـير ، أنه سأل عائشة زوج النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، عن قول الله تبـارك وتعالـى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } قالت : يا ابن أختـي هذه الـيتـيـمة تكون فـي حجر ولـيها ، تشاركه فـي ماله ، فـيعجبه مالها وجمالها ، فـيريد ولـيها أن يتزوجها بغير أن يقسط فـي صداقها ، فـيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهنّ ، ويبلغوا بهنّ أعلـى سنتهنّ فـي الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن . قال يونس بن يزيد : قال ربـيعة فـي قول الله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قال : يقول : اتركوهنّ فقد أحللت لكم أربعاً . حدثنا الـحسن بن الـجنـيد وأبو سعيد بن مسلـمة ، قالا : أنبأنا إسماعيـل بن أمية ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، قال : سألت عائشة أمّ الـمؤمنـين ، فقلت : يا أمّ الـمؤمنـين أرأيت قول الله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } ؟ قالت : يا ابن أختـي هي الـيتـيـمة تكون فـي حجر ولـيها ، فـيرغب فـي جمالها ومالها ، ويريد أن يتزوّجها بأدنى من سنة صداق نسائها ، فنهوا عن ذلك أن ينكحوهنّ إلا أن يقسطوا فـيكملوا لهنّ الصداق ، ثم أمروا أن ينكحوا سواهنّ من النساء إن لـم يكملوا لهنّ الصداق . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي اللـيث ، قال : ثنـي يونس ، عن ابن شهاب ، قال : ثنـي عروة بن الزبـير ، أنه سأل عائشة زوج النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثل حديث يونس ، عن ابن وهب . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، مثل حديث ابن حميد ، عن ابن الـمبـارك . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن هشام ، عن أبـيه ، عن عائشة ، قالت : نزل ، يعنـي قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } … الآية ، فـي الـيتـيـمة تكون عند الرجل ، وهي ذات مال ، فلعله ينكحها لـمالها ، وهي لا تعجبه ، ثم يضرّ بها ، ويسيء صحبتها ، فوعظ فـي ذلك . قال أبو جعفر : فعلـى هذا التأويـل جواب قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ } قوله : { فَٱنكِحُواْ } . وقال آخرون : بل معنى ذلك : النهي عن نكاح ما فوق الأربع ، حذراً علـى أموال الـيتامى أن يتلفها أولـياؤهم ، وذلك أن قريشاً ، كان الرجل منهم يتزوّج العشر من النساء ، والأكثر ، والأقلّ ، فإذا صار معدماً ، مال علـى مال يتـيـمه الذي فـي حجره ، فأنفقه ، أو تزوّج به ، فنهوا عن ذلك وقـيـل لهم : إن أنتـم خفتـم علـى أموال أيتامكم أن تنفقوها ، فلا تعدلوا فـيها من أجل حاجتكم إلـيها ، لـما يـلزمكم من مؤن نسائكم ، فلا تـجاوزوا فـيـما تنكحون من عدد النساء علـى أربع ، وإن خفتـم أيضاً من الأربع ألا تعدلوا فـي أموالهم فـاقتصروا علـى الواحدة ، أو علـى ما ملكت أيـمانكم . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك ، قال : سمعت عكرمة يقول فـي هذه الآية : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قال : كان الرجل من قريش يكون عنده النسوة ، ويكون عنده الأيتام ، فـيذهب ماله ، فـيـميـل علـى مال الأيتام . قال : فنزلت هذه الآية : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة فـي قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أوْ ما مَلَكَتْ أيمانُكُمْ } قال : كان الرجل يتزوّج الأربع والـخمس والستّ والعشر ، فـيقول الرجل : ما يـمنعنـي أن أتزوّج كما تزوّج فلان ، فـيأخذ مال يتـيـمه فـيتزوّج به ، فنهوا أن يتزوّجوا فوق الأربع . حدثنا سفـيان بن وكيع ، قال : ثنا أبـيّ ، عن سفـيان ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن طاووس ، عن ابن عبـاس ، قال : قصر الرجال علـى أربع من أجل أموال الـيتامى . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } فإن الرجل كان يتزوّج بـمال الـيتـيـم ما شاء الله تعالـى ، فنهى الله عن ذلك . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن القوم كانوا يتـحوّبون فـي أموال الـيتامى ألا يعدلوا فـيها ، ولا يتـحوّبون فـي النساء ألا يعدلوا فـيهنّ ، فقـيـل لهم : كما خفتـم أن لا تعدلوا فـي الـيتامى ، فكذلك فخافوا فـي النساء أن لا تعدلوا فـيهنّ ، ولا تنكحوا منهنّ إلا من واحدة إلـى الأربع ، ولا تزيدوا علـى ذلك ، وأن خفتـم ألا تعدلوا أيضاً فـي الزيادة علـى الواحدة ، فلا تنكحوا إلا ما لا تـخافون أن تـجوروا فـيهنّ من واحدة أو ما ملكت أيـمانكم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن علـية ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبـير ، قال : كان الناس علـى جاهلـيتهم ، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه . قال : فذكروا الـيتامى ، فنزلت : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أوْ ما مَلَكَتْ أيمانُكُمْ } قال : فكما خفتـم أن لا تقسطوا فـي الـيتامى ، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا فـي النساء . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } إلـى : { أَيْمَـٰنُكُمْ } كانوا يشدّدون فـي الـيتامى ، ولا يشدّدون فـي النساء ، ينكح أحدهم النسوة ، فلا يعدل بـينهنّ فقال الله تبـارك وتعالـى : كما تـخافون أن لا تعدلوا بـين الـيتامى فخافوا فـي النساء ، فـانكحوا واحدة إلـى الأربع ، فإن خفتـم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيـمانكم . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } حتـى بلغ : { أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } يقول : كما خفتـم الـجور فـي الـيتامى وهمّكم ذلك ، فكذلك فخافوا فـي جمع النساء . وكان الرجل فـي الـجاهلـية يتزوّج العشرة فما دون ذلك ، فأحلّ الله جلّ ثناؤه أربعاً ، ثم الذي صيرهنّ إلـى أربع قوله : { مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً } يقول : إن خفت ألا تعدل فـي أربع فثلاث ، وإلا فثنتـين ، وإلا فواحدة وإن خفت ألا تعدل فـي واحدة ، فما ملكت يـمينك . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبـير ، قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } يقول : ما أحل لكم من النساء ، { مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } فخافوا فـي النساء مثل الذي خفتـم فـي الـيتامى ألا تقسطوا فـيهن . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج بن الـمنهال ، قال : ثنا حماد ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبـير ، قال جاء الإسلام ، والناس علـى جاهلـيتهم ، إلا أن يؤمروا بشيء فـيتبعوه أو ينهوا عن شيء فـيجتنبوه ، حتـى سألوا عن الـيتامى ، فأنزل الله تبـارك وتعالـى : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } . حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا أبو النعمان عارم ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبـير ، قال : بعث الله تبـارك وتعالـى مـحمداً صلى الله عليه وسلم ، والناس علـى أمر جاهلـيتهم ، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه ، وكانوا يسألونه عن الـيتامى ، فأنزل الله تبـارك وتعالـى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } قال : فكما تـخافون ألا تقسطوا فـي الـيتامى فخافوا ألا تقسطوا وتعدلوا فـي النساء . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس : قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قال : كانوا فـي الـجاهلـية ينكحون عشراً من النساء الأيامى ، وكانوا يعظمون شأن الـيتـيـم ، فتفقدوا من دينهم شأن الـيتـيـم ، وتركوا ما كانوا ينكحون فـي الـجاهلـية ، فقال : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } ونهاهم عما كانوا ينكحون فـي الـجاهلـية . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } كانوا فـي جاهلـيتهم لا يرزؤون من مال الـيتـيـم شيئاً ، وهم ينكحون عشراً من النساء ، وينكحون نساء آبـائهم ، فتفقدوا من دينهم شأن النساء ، فوعظهم الله فـي الـيتامى وفـي النساء ، فقال فـي الـيتامى : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } [ النساء : 2 ] … إلـى : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } [ النساء : 2 ] ووعظهم فـي شأن النساء ، فقال : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } … الآية ، وقال : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } [ النساء : 22 ] . حُدثت عن عمار عن ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع فـي قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } … إلـى : { مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } يقول : فإن خفتـم الـجور فـي الـيتامى وغمكم ذلك ، فكذلك فخافوا فـي جمع النساء . قال : وكان الرجل يتزوّج العشر فـي الـجاهلـية فما دون ذلك ، وأحلّ الله أربعاً وصيرهم إلـى أربع ، يقول : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً } وإن خفت ألا تعدل فـي واحدة ، فما ملكت يـمينك . وقال آخرون : معنى ذلك : فكما خفتـم فـي الـيتامى ، فكذلك فتـخوفوا فـي النساء أن تزنوا بهنّ ، ولكن انكحوا ما طاب لكم من النساء . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } يقول : إن تـحرّجتـم فـي ولاية الـيتامى وأكل أموالهم إيـماناً وتصديقاً ، فكذلك فتـحرّجوا من الزنا ، وانكحوا النساء نكاحاً طيبـاً : { مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وإن خفتـم ألا تقسطوا فـي الـيتامى اللاتـي أنتـم ولاتهن ، فلا تنكحوهنّ ، وانكحوا أنتـم ما أحلّ لكم منهنّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا سفـيان بن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن هشام بن عروة ، عن أبـيه ، عن عائشة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قال : نزلت فـي الـيتـيـمة تكون عند الرجل هو ولـيها ، لـيس لها ولـيّ غيره ، ولـيس أحد ينازعه فـيها ، ولا ينكحها لـمالها ، فـيضرّ بها ، ويسيء صحبتها . حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا يونس ، عن الـحسن فـي هذه الآية : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ } : أي ما حلّ لكم من يتاماكم من قرابـاتكم { مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } . قال أبو جعفر : وأولـى الأقوال التـي ذكرناها فـي ذلك بتأويـل الآية قول من قال : تأويـلها : وإن خفتـم ألا تقسطوا فـي الـيتامى ، فكذلك فخافوا فـي النساء ، فلا تنكحوا منهنّ إلا ما لا تـخافون أن تـجوروا فـيه منهنّ من واحدة إلا الأربع ، فإن خفتـم الـجور فـي الواحدة أيضاً فلا تنكحوها ، ولكن علـيكم بـما ملكت أيـمانكم ، فإنه أحرى أن لا تـجوروا علـيهنّ . وإنـما قلنا : إن ذلك أولـى بتأويـل الآية ، لأن الله جلّ ثناؤه افتتـح الآية التـي قبلها بـالنهي عن أكل أموال الـيتامى بغير حقها ، وخـلطها بغيرها من الأموال ، فقال تعالـى ذكره : { وَءاتُواْ ٱلْيَتَـٰمَىٰ أَمْوٰلَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوٰلِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } [ النساء : 2 ] . ثم أعلـمهم أنهم إن اتقوا الله فـي ذلك فتـحرّجوا فـيه ، فـالواجب علـيهم من اتقاء الله ، والتـحرّج فـي أمر النساء مثل الذي علـيهم من التـحرّج فـي أمر الـيتامى ، وأعلـمهم كيف التـخـلص لهم من الـجور فـيهنّ ، كما عرّفهم الـمخـلص من الـجور فـي أموال الـيتامى ، فقال : انكحوا إن أمنتـم الـجور فـي النساء علـى أنفسكم ، ما أبحت لكم منهنّ وحللته ، مثنى وثلاث وربـاع ، فإن خفتـم أيضاً الـجور علـى أنفسكم فـي أمر الواحدة بأن تقدروا علـى إنصافها ، فلا تنكحوها ، ولكن تسرّوا من الـمـمالـيك ، فإنكم أحرى أن لا تـجوروا علـيهنّ ، لأنهنّ أملاككم وأموالكم ، ولا يـلزمكم لهنّ من الـحقوق كالذي يـلزمكم للـحرائر ، فـيكون ذلك أقرب لكم إلـى السلامة من الإثم والـجور ، ففـي الكلام إذ كان الـمعنى ما قلنا ، متروك استغنى بدلالة ما ظهر من الكلام عن ذكره . وذلك أن معنى الكلام : وإن خفتـم ألا تقسطوا فـي أموال الـيتامى فتعدّلوا فـيها ، فكذلك فخافوا ألا تقسطوا فـي حقوق النساء التـي أوجبها الله علـيكم ، فلا تتزّوّجوا منهنّ إلا ما أمنتـم معه الـجور ، مثنى وثلاث وربـاع ، وإن خفتـم أيضاً فـي ذلك فواحدة ، وإن خفتـم فـي الواحدة فما ملكت أيـمانكم فترك ذكر قوله فكذلك فخافوا أن تقسطوا فـي حقوق النساء بدلالة ما ظهر من قوله تعالـى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } . فإن قال قائل : فأين جواب قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } ؟ قـيـل : قوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ } غير أن الـمعنى الذي يدلّ علـى أن الـمراد بذلك ما قلنا : قوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } . وقد بـينا فـيـما مضى قبل أن معنى الإقساط فـي كلام العرب : العدل والإنصاف ، وأن القسط : الـجور والـحيف ، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . وأما الـيتامى ، فإنها جمع لذكران الأيتام وإناثهم فـي هذا الـموضع . وأما قوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } فإنه يعنـي : فـانكحوا ما حلّ لكم منهنّ دون ما حرّم علـيكم منهنّ . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا ابن الـمبـارك ، عن إسماعيـل بن أبـي خالد ، عن أبـي مالك ، قوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } : ما حلّ لكم . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبـير فـي قوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } يقول : ما حَلّ لكم . فإن قال قائل : وكيف قـيـل : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنِّسَاء } ولـم يقل : فـانكحوا من طاب لكم ، وإنـما يقال ما فـي غير الناس ؟ قـيـل : معنى ذلك علـى غير الوجه الذي ذهبت إلـيه ، وإنـما معناه : فـانكحوا نكاحاً طيبـاً . كما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } فـانكحوا النساء نكاحاً طيبـاً . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد مثله . فـالـمعنـيّ بقوله : { مَا طَابَ لَكُمْ } الفعل دون أعيان النساء وأشخاصهنّ ، فلذلك قـيـل « ما » ولـم يقل « من » ، كما يقال : خذ من رقـيقـي ما أردت إذا عنـيت ، خذ منهم إرادتك ، ولو أردت خذ الذي تريد منهم لقلت : خذ من رقـيقـي من أردت منهم . وكذلك قوله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } بـمعنى : أو ملك أيـمانكم . وإنـما معنى قوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنِّسَاء مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } فلـينكح كل واحد منكم مثنى وثلاث وربـاع ، كما قـيـل : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ النور : 4 ] . وأما قوله { مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } فإنـما ترك إجراؤهنّ لأنهنّ معدولات عن اثنـين وثلاث وأربع ، كما عدل عمر عن عامر وزفر عن زافر فترك إجراؤه ، وكذلك أحاد وثناء وموحد ومثنى ومثلث ومربع ، لا يجري ذلك كله للعلة التـي ذكرت من العدول عن وجوهه . ومـما يدلّ علـى أن ذلك كذلك ، وأن الذكر والأنثى فـيه سواء ، ما قـيـل فـي هذه السورة وسورة فـاطر : مثنى وثلاث وربـاع ، يراد به الـجناح ، والـجناح ذكر ، وأنه أيضاً لا يضاف إلـى ما يضاف إلـيه الثلاثة والثلاث ، وأن الألف واللام لا تدخـله ، فكان فـي ذلك دلـيـل علـى أنه اسم للعدد معرفة ، ولو كان نكرة لدخـله الألف واللام وأضيف كما يضاف الثلاثة والأربعة ، ومـما يبـين فـي ذلك قول تـميـم بن أبـي مقبل : @ تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَـحْتَ لَبـانِهِ أُحادَ وَمَثْنَى أصْعَقَتْها صَوَاهِلُهْ @@ فردّ أحاد ومثنى علـى النعرات وهي معرفة . وقد تـجعلها العرب نكرة فتـجريها ، كما قال الشاعر : @ قَتَلْنا بِهِ مِنْ بَـيْنِ مَثْنَى وَمَوْحَدٍ بأرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وآخَرَ خامِسِ @@ ومـما يبـين أن ثناء وأحاد غير جارية قول الشاعر : @ ولَقَدْ قَتَلْتكمُ ثُناءَ وَمَوْحَداً وتركتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدّابِرِ @@ وقول الشاعر : @ مَنَتْ لَك أن تلاقِـيَنِـي الـمَنايَا أُحادَ أُحادَ فِـي شَهْرٍ حَلالِ @@ ولـم يسمع من العرب صرف ما جاوز الربـاع والـمربع عن جهته ، لـم يسمع منها خماس ولا الـمخمس ، ولا السبـاع ولا الـمسبع وكذلك ما فوق الربـاع ، إلا فـي بـيت للكميت ، فإنه يروي له فـي العشرة عشار وهو قوله : @ فَلَـمْ يَسْتَرِيثوكَ حتـى رَمَيْـ ـتَ فوْقَ الرّجالِ خِصالاً عُشارَا @@ يريد عشراً عشراً ، يقال : إنه لـم يسمع غير ذلك . وأما قوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً } فإن نصب واحدة ، بـمعنى : فإن خفتـم ألا تعدلوا فـيـما يـلزمكم من العدل ما زاد علـى الواحدة من النساء عندكم بنكاح فـيـما أوجبه الله لهنّ علـيكم ، فـانكحوا واحدة منهنّ ، ولو كانت القراءة جاءت فـي ذلك بـالرفع كان جائزاً بـمعنى : فواحدة كافـية ، أو فواحدة مـجزئة ، كما قال جلّ ثناؤه : { فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ } [ البقرة : 282 ] وإن قال لنا قائل : قد علـمت أن الـحلال لكم من جميع النساء الـحرائر نكاح أربع ، فكيف قـيـل : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } وذلك فـي العدد تسع ؟ قـيـل : إن تأويـل ذلك : فـانكحوا ما طاب لكم من النساء ، إما مثنى إن أمنتـم الـجور من أنفسكم فـيـما يجب لهما علـيكم وإما ثلاث إن لـم تـخافوا ذلك وإما أربع إن أمنتـم ذلك فـيهنّ ، يدلّ علـى صحة ذلك قوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً } لأن الـمعنى : فإن خفتـم فـي الثنتـين فـانكحوا واحدة ، ثم قال : وإن خفتـم ألا تعدلوا أيضاً فـي الواحدة ، فما ملكت أيـمانكم . فإن قال قائل : فإن أمر الله ونهيه علـى الإيجاب والإلزام حتـى تقوم حجة بأن ذلك علـى التأديب والإرشاد والإعلام ، وقد قال تعالـى ذكره : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } وذلك أمر ، فهل من دلـيـل علـى أنه من الأمر الذي هو علـى غير وجه الإلزام والإيجاب ؟ قـيـل : نعم ، والدلـيـل علـى ذلك قوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً } فكان معلوماً بذلك أن قوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } وإن كان مخرجه مخرج الأمر ، فإنه بـمعنى الدلالة علـى النهي عن نكاح ما خاف الناكح الـجور فـيه من عدد النساء ، لا بـمعنى الأمر بـالنكاح . فإن الـمعنـيّ به : وإن خفتـم ألا تقسطوا فـي الـيتامى فتـحرّجتـم فـيهنّ ، فكذلك فتـحرّجوا فـي النساء ، فلا تنكحوا إلا ما أمنتـم الـجور فـيه منهنّ ، ما أحللته لكم من الواحدة إلـى الأربع . وقد بـينا فـي غير هذا الـموضع بأن العرب تـخرّج الكلام بلفظ الأمر ، ومعناها فـيه النهي أو التهديد والوعيد ، كما قال جلّ ثناؤه : { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } [ الكهف : 29 ] وكما قال : { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [ النحل : 55 ] فخرج ذلك مخرج الأمر ، والـمقصود به التهديد والوعيد ، والزجر والنهي ، فكذلك قوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنِّسَاءِ } بـمعنى النهي ، فلا تنكحوا إلا ما طاب لكم من النساء . وعلـى النـحو الذي قلنا فـي معنى قوله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } يقول : فإن خفت ألا تعدل فـي واحدة ، فما ملكت يـمينك . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } : السراري . حدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } فإن خفت ألا تعدل فـي واحدة فما ملكت يـمينك . حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب ، قال : حدثنا يزيد ، قال : ثنا جويبر ، عن الضحاك ، قوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ } قال : فـي الـمـجامعة والـحبّ . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن لا تَعُولُواْ } . يعنـي بقوله تعالـى ذكره : وإن خفتـم ألا تعدلوا فـي مثنى أو ثلاث أو ربـاع فنكحتـم واحدة ، أو خفتـم ألا تعدلوا فـي الواحدة فتسرّرتـم ملك أيـمانكم فهو أدنى ، يعنـي : أقرب ألا تعولوا ، يقول : أن لا تـجوروا ولا تَـميـلوا ، يقال منه : عال الرجل فهو يَعُول عَوْلاً وعِيالة ، إذا مال وجار ، ومنه عَوْل الفرائض ، لأن سهامها إذا زادت دخـلها النقص وأما من الـحاجة ، فإنـما يقال : عالَ الرجل عَيْـلَةً ، وذلك إذا احتاج ، كما قال الشاعر : @ وَما يَدْرِي الفَقِـيرُ متـى غِناهُ وما يَدْرِي الغَنِـيُّ متـى يَعِيـلُ @@ بـمعنى يفتقر . وبنـحو ما قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا يونس ، عن الـحسن : { ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن لا تَعُولُواْ } قال : العول : الـميـل فـي النساء . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنـي حكام ، عن عنبسة ، عن مـحمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبـي بزّة ، عن مـجاهد فـي قوله : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } يقول : لا تـميـلوا . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } : أن لا تـميـلوا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد . مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو النعمان مـحمد بن الفضل ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا داود بن أبـي هند ، عن عكرمة : { أَلاَّ تَعُولُواْ } قال : أن لا تـميـلوا ، ثم قال : أما سمعت إلـى قول أبـي طالب : @ بِـمِيزَانِ قِسْطٍ وَزْنهُ غَيْرُ عائِلِ @@ حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن الزبـير ، عن حريث ، عن عكرمة فـي هذه الآية : { أَلاَّ تَعُولُواْ } قال : أن لا تـميـلوا ، قال : وأنشد بـيتاً من شعر زعم أن أبـا طالب قاله : @ بِـمِيزَانِ قِسْطٍ لا يُخِسَّ شَعِيرَةً وَوَازِنِ صِدْقٍ وَزْنهُ غيرُ عائِلِ @@ قال أبو جعفر : ويروى هذا البـيت علـى غير هذه الرواية : @ بِـمِيزَانِ صِدْقٍ لا يُغِلُّ شَعِيرَةً لهُ شاهِدٌ مِنْ نفسِهِ غيُر عائِلِ @@ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم فـي قوله : { أَلاَّ تَعُولُواْ } قال : ألا تـميـلوا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن أبـي إسحاق الكوفـيّ ، قال : كتب عثمان بن عفـان رضي الله عنه إلـى أهل الكوفة فـي شيء عاتبوه علـيه فـيه : « إنّـي لست بـميزان لا أعول » . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثام بن علـيّ ، قال : ثنا إسماعيـل بن أبـي خالد ، عن أبـي مالك فـي قوله : { أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } قال : لا تـميـلوا . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } : أدنى أن لا تـميـلوا . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : { أَلاَّ تَعُولُواْ } قال : تـميـلوا . حدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } يقول : ألا تـميـلوا . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } يقول : تـميـلوا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنا معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس . قوله : { أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } يعنـي : ألا تـميـلوا . حدثنا مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } يقول : ذلك أدنى ألا تـميـلوا . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أبـي مالك فـي قوله : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } قال : ألا تـجوروا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون وعارم أبو النعمان ، قالا : ثنا هشيـم ، عن حصين ، عن أبـي مالك ، مثله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن يونس ، عن أبـي إسحاق ، عن مـجاهد : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } قال : تـميـلوا . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } ذلك أقلّ لنفقتك الواحدة ، أقلّ من ثنتـين وثلاث وأربع ، وجاريتك أهون نفقة من حرّة { أَن لا تَعُولُواْ } : أهون علـيك فـي العيال .