Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 13-13)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { شَرَعَ لَكُمْ } ربكم أيها الناس { مِنَ الدّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً } أن يعمله { وَالَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ } يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وشرع لكم من الدين الذي أوحينا إليك يا محمد ، فأمرناك به { وَما وَصَّيْنا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أنْ أقِيمُوا الدّينَ } يقول : شرع لكم من الدين ، أن أقيموا الدين « فأن » إذ كان ذلك معنى الكلام ، في موضع نصب على الترجمة بها عن « ما » التي في قوله : { ما وَصَّى بِهِ نُوحاً } . ويجوز أن تكون في موضع خفض ردّاً على الهاء التي في قوله : { بِهِ } ، وتفسيراً عنها ، فيكون معنى الكلام حينئذٍ : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً ، أن أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه . وجائز أن تكون في موضع رفع على الاستئناف ، فيكون معنى الكلام حينئذٍ : شرع لكم من الدين ما وصى به ، وهو أن أقيموا الدين . وإذ كان معنى الكلام ما وصفت ، فمعلوم أن الذي أوصى به جميع هؤلاء الأنبياء وصية واحدة ، وهي إقامة الدين الحق ، ولا تتفرّقوا فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ما وَصَّى بِهِ نُوحاً } قال : ما أوصاك به وأنبيائه ، كلهم دين واحد . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً } قال : هو الدين كله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً } بعث نوح حين بعث بالشريعة بتحليل الحلال ، وتحريم الحرام { وَما وَصَّيْنا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَموسَى وَعِيسَى } . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً } قال : الحلال والحرام . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدّين ما وَصَّى بِهِ نُوحاً … } إلى آخر الآية ، قال : حسبك ما قيل لك . وعنى بقوله : { أنْ أقِيمُوا الدّينَ } أن اعملوا به على ما شرع لكم وفرض ، كما قد بينا فيما مضى قبل في قوله : { أقِيمُوا الصَّلاة } . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { أنْ أقِيمُوا الدّينَ } قال : اعملوا به . وقوله : { وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } يقول : ولا تختلفوا في الدين الذي أُمِرتُم بالقيام به ، كما اختلف الأحزاب من قبلكم . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } تعلَّموا أن الفرقة هلكة ، وأن الجماعة ثقة . وقوله : { كَبُرَ على المُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : كبر على المشركين بالله من قومك يا محمد ما تدعوهم إليه من إخلاص العبادة لله ، وإفراده بالألوهية والبراءة مما سواه من الآلهة والأنداد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { كَبُرَ على المُشْرِكيِنَ ما تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ } قال : أنكرها المشركون ، وكبر عليهم شهادة أن لا إله إلا الله ، فصادمها إبليس وجنوده ، فأبى الله تبارك وتعالى إلا أن يمضيها وينصرها ويفلجها ويظهرها على من ناوأها . وقوله : { اللّهُ يَجْتَبي إلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيهْدِي إلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ } يقول : الله يصطفي إليه من يشاء من خلقه ، ويختار لنفسه ، وولايته من أحبّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { اللّهُ يَجْتَبِي إلَيْهِ مَنْ يَشاءُ ، وَيَهْدِي إلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ } يقول : ويوفق للعمل بطاعته ، واتباع ما بعث به نبيه عليه الصلاة والسلام من الحقّ من أقبل إلى طاعته ، وراجع التوبة من معاصيه . كما : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { وَيَهْدِي إلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ } : من يقبل إلى طاعة الله .