Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 34-36)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : أو يوبقْ هذه الجواري في البحر بما كسبت ركبانها من الذنوب ، واجترموا من الآثام ، وجزم يوبقهنّ ، عطفاً على { يُسْكِنِ الرِّيحِ } ومعنى الكلام إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ، { أَوْ يُوبِقْهُنَّ } ويعني بقوله : { أَوْ يُوبِقْهُنَّ } أو يهلكهنّ بالغرق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { أوْ يُوبِقْهُنَّ } يقول : يهلكهنّ . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { أوْ يُوبِقْهُنَّ } : أو يهلكهنّ . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { أو يُوبِقْهُنَّ } قال : يغرقهن بما كسبوا . وبنحو الذي قلنا في قوله : { بِمَا كَسَبُوا } قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } : أي بذنوب أهلها . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { أوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } قال : بذنوب أهلها . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبوا } قال : يوبقهنّ بما كسبت أصحابهنّ . وقوله : { وَيَعْفُواْ عَنْ كَثِيرٍ } يقول : ويصفح تعالى ذكره عن كثير من ذنوبكم فلا يعاقب عليها . وقوله : { وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا } يقول جلّ ثناؤه : ويعلم الذين يخاصمون رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من المشركين في آياته وعبره وأدلته على توحيده . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة « وَيَعْلَمُ الَّذِينَ » رفعاً على الاستئناف ، كما قال في سورة براءة : { وَيَتُوبُ اللّهُ على مَنْ يَشاءُ } وقرأته قرّاء الكوفة والبصرة { وَيَعْلَمَ الَّذِينَ } نصباً كما قال في سورة آل عمران { وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } على الصرف وكما قال النابغة : @ فإنْ يَهْلِكْ أبو قابُوسَ يَهْلِكْ رَبِيعُ النَّاسِ والشَّهْرُ الحَرَامُ وَنُمْسِكَ بَعْدَهُ بذَناب عَيْشٍ أجَبِّ الظَّهْرِ لَهُ سَنامُ @@ والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان ولغتان معروفتان ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ } يقول تعالى ذكره : ما لهم من محيد من عقاب الله إذا عاقبهم على ذنوبهم ، وكفرهم به ، ولا لهم منه ملجأ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط عن السديّ ، قوله : { ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ } : ما لهم من ملجأ . وقوله : { فَمَا أُوتِيُتمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الحَياةِ الدُّنيْا } يقول تعالى ذكره : فما أعطيتم أيها الناس من شيء من رياش الدنيا من المال والبنين ، فمتاع الحياة الدنيا ، يقول تعالى ذكره : فهو متاع لكم تتمتعون به في الحياة الدنيا ، وليس من دار الآخرة ، ولا مما ينفعكم في معادكم { وَما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ وأبْقَى } يقول تعالى ذكره : والذي عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة ، خير مما أوتيتموه في الدنيا من متاعها وأبقى ، لأن ما أوتيتم في الدنيا فإنه نافد ، وما عند الله من النعيم في جنانه لأهل طاعته باقٍ غير نافد { لِلَّذِينَ آمنوا } : يقول : وما عند الله للذين آمنوا به ، وعليه يتوكلون في أمورهم ، وإليه يقومون في أسبابهم ، وبه يثقون ، خير وأبقى مما أوتيتموه من متاع الحياة الدنيا .