Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 18-18)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : أو من ينبت في الحلية ويزين بها { وَهُوَ فِي الخِصَامِ } يقول : وهو في مخاصمة من خاصمه عند الخصام غير مبين ، من خصمه ببرهان وحجة ، لعجزه وضعفه ، جعلتموه جزء الله من خلقه وزعمتم أنه نصيبه منهم ، وفي الكلام متروك استغنى بدلالة ما ذكر منه وهو ما ذكرت . واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله : { أوْ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } ، فقال بعضهم : عُنِي بذلك الجواري والنساء . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { أوَ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ } قال : يعني المرأة . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن علقمة ، عن مرثد ، عن مجاهد ، قال : رخص للنساء في الحرير والذهب ، وقرأ { أوْ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَام غَيرَ مُبِينٍ } قال : يعني المرأة . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله { أوْ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَام غَيرُ مُبِينٍ } قال : الجواري جعلتموهنّ للرحمن ولداً ، كيف تحكمون . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أوَ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ } قال : الجواري يسفههنّ بذلك ، غير مبين بضعفهنّ . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { أوْ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ } يقول : جعلوا له البنات وهم إذا بشِّر أحدهم بهنّ ظلّ وجهه مسودّاً وهو كظيم . قال : وأما قوله : { وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ } يقول : قلما تتكلم امرأة فتريد أن تتكلم بحجتها إلاَّ تكلمت بالحجة عليها . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { أوْ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ } قال : النساء . وقال آخرون : عُنِي بذلك أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أوْ مَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيةِ … } الآية ، قال : هذه تماثيلهم التي يضربونها من فضة وذهب يعبدونها هم الذين أنشأُوها ، ضربوها من تلك الحلية ، ثم عبدوها { وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ } قال : لا يتكلم ، وقرأ فإذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبينٌ . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : عني بذلك الجواري والنساء ، لأن ذلك عقيب خبر الله عن إضافة المشركين إليه ما يكرهونه لأنفسهم من البنات ، وقلة معرفتهم بحقه ، وتحليتهم إياه من الصفات والبخل ، وهو خالقهم ومالكهم ورازقهم ، والمنعم عليهم النعم التي عددها في أوّل هذه السورة ما لا يرضونه لأنفسهم ، فاتباع ذلك من الكلام ما كان نظيرا له أشبه وأولى من اتباعه ما لم يجر له ذكر . واختلف القرّاء في قراءة قوله : { أوَ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ } فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين والكوفيين « أوْ مَنْ يَنْشَأُ » بفتح الياء والتخفيف من نشأ ينشأ . وقرأته عامة قرّاء الكوفة { يُنَشَّأُ } بضم الياء وتشديد الشين من نُشَّأته فهو ينَشَّأ . والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار ، متقاربتا المعنى ، لأن المنشَّأ من الإنشاء ناشىء ، والناشىء منشأ ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله « أوْ مَنْ لا يُنَشَّأُ إلاَّ فِي الْحِلْيَةِ » ، وفي « من » وجوه من الإعراب الرفع على الاستئناف والنصب على إضمار يجعلون كأنه قيل : أو من ينشأ في الحلية يجعلون بنات الله . وقد يجوز النصب فيه أيضاً على الردّ على قوله : أم اتخذ مما يخلق بنات أو من ينشأ في الحلية ، فيردّ « من » على البنات ، والخفض على الردّ على « ما » التي في قوله : { وَإذَا بُشِّرَ أحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ للرَّحْمَن مَثَلاً } .