Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 19-19)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وجعل هؤلاء المشركون بالله ملائكته الذين هم عباد الرحمن . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة « الَّذِينَ هُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ » بالنون ، فكأنهم تأوّلوا في ذلك قول الله جلّ ثناؤه : { إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ } فتأويل الكلام على هذه القراءة : وجعلوا ملائكة الله الذين هم عنده يسبحونه ويقدّسونه إناثاً ، فقالوا : هم بنات الله جهلاً منهم بحقّ الله ، وجرأة منهم على قيل الكذب والباطل . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة { وَجَعَلوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمَنِ إناثاً } بمعنى : جمع عبد . فمعنى الكلام على قراءة هؤلاء : وجعلوا ملائكة الله الذين هم خلقه وعباده بنات الله ، فأنثوهم بوصفهم إياهم بأنهم إناث . والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، وذلك أن الملائكة عباد الله وعنده . واختلفوا أيضاً في قراءة قوله : { أشَهِدُوا خَلْقَهُمْ } فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة « أُشْهِدُوا خَلْقَهُمْ » بضم الألف ، على وجه ما لم يسمّ فاعله ، بمعنى : أأشهد الله هؤلاء المشركين الجاعلين ملائكة الله إناثاً ، خلق ملائكته الذين هم عنده ، فعلموا ما هم ، وأنهم إناث ، فوصفوهم بذلك ، لعلمهم بهم ، وبرؤيتهم إياهم ، ثم رُدّ ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله . وقُرىء بفتح الألف ، بمعنى : أَشهدوا هم ذلك فعلموه ؟ والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ } يقول تعالى ذكره : ستكتب شهادة هؤلاء القائلين : الملائكة بنات الله في الدنيا ، بما شهدوا به عليهم ، ويُسألون عن شهادتهم تلك في الآخرة أن يأتوا ببرهان على حقيقتها ، ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً .