Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 36-37)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ومن يُعْرِض عن ذكر الله فلم يخف سطوته ، ولم يَخْشَ عقابه { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } يقول : نجعل له شيطاناً يغويه فهو له قرين : يقول : فهو للشيطان قرين ، أي يصير كذلك ، وأصل العشو : النظر بغير ثبت لعلة في العين ، يقال منه : عشا فلان يعشو عشواً وعشوّاً : إذا ضعف بصره ، وأظلمت عينه ، كأن عليه غشاوة ، كما قال الشاعر : @ مَتى تَأْتِهِ تَعْشُو إلى ضَوْءِ نارِهِ تَجِدْ حَطَبا جَزْلاً وَنارا تَأَجَّجا @@ يعني : متى تفتقر فتأته يعنك . وأما إذا ذهب البصر ولم يبصر ، فإنه يقال فيه : عَشِيَ فلان يَعْشَى عَشًى منقوص ، ومنه قول الأعشي : @ رأتْ رَجُلاً غائِبَ الوَافِدَيْنِ مُخْتَلِفَ الخَلْقِ أعْشَى ضَرِيرَا @@ يقال منه : رجل أعشى وامرأة عشواء . وإنما معنى الكلام : ومن لا ينظر في حجج الله بالإعراض منه عنه إلا نظراً ضعيفاً ، كنظر من قد عَشِي بصره نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً } يقول : إذا أعرض عن ذكر الله نقيض له شيطاناً { فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدّي ، في قوله : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } قال : يعرض . وقد تأوّله بعضهم بمعنى : ومن يعمَ ، ومن تأوّل ذلك كذلك ، فيجب أن تكون قراءته « وَمَنْ يَعْشَ » بفتح الشين على ما بيَّنت قبل . ذكر من تأوّله كذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } قال : من يعمَ عن ذكر الرحمن . وقوله : { وإنَّهُمْ لَيَصُدُّوَنهُمْ عَنِ السَّبِيل } يقول تعالى ذكره : وإن الشياطين ليصدّون هؤلاء الذين يعشون عن ذكر الله ، عن سبيل الحقّ ، فيزينون لهم الضلالة ، ويكرّهون إليهم الإيمان بالله ، والعمل بطاعته { وَيحْسَبُونَ أنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } يقول : ويظنّ المشركون بالله بتحسين الشياطين لهم ما هم عليه من الضلالة ، أنهم على الحقّ والصواب ، يخبر تعالى ذكره عنهم أنهم من الذي هم عليه من الشرك على شكّ وعلى غير بصيرة . وقال جلّ ثناؤه : { وإنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ } فأخرج ذكرهم مخرج ذكر الجميع ، وإنما ذُكر قبل واحدا ، فقال : { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً } لأن الشيطان وإن كان لفظه واحداً ، ففي معنى جمع .