Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 16-16)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : ومن هؤلاء الكفار يا محمد { من يَسْتَمِع إِلَيْكَ } وهو المنافِق ، فيستمع ما تقول فلا يعيه ولا يفهمه ، تهاوناً منه بما تتلو عليه من كتاب ربك ، وتغافلاً عما تقوله ، وتدعو إليه من الإيمان ، { حَتَّى إِذَا خَرَجَوُا مِنْ عِنْدِكَ } قالوا إعلاماً منهم لمن حضر معهم مجلسك من أهل العلم بكتاب الله ، وتلاوتك عليهم ما تلوت ، وقِيلك لهم ما قلت إنهم لن يُصْغوا أسماعهم لقولك وتلاوتك { ماذَا قالَ } لنا محمد { آنِفاً } ؟ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِك } هؤلاء المنافقون ، دخل رجلان : رجل ممن عقل عن الله وانتفع بما سمع ورجل لم يعقل عن الله ، فلم ينتفع بما سمع ، كان يقال : الناس ثلاثة : فسامع عامل ، وسامع غافل ، وسامع تارك . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ } قال : هم المنافقون . وكان يقال : الناس ثلاثة : سامع فعامل ، وسامع فغافل ، وسامع فتارك . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، قال : ثنا شريك ، عن عثمان أبي اليقظان ، عن يحيى بن الجزّار ، أو سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، في قوله : { حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا للَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ماذَا قالَ آنِفاً } قال ابن عباس : أنا منهم ، وقد سُئِلت فيمن سُئِل . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ … } إلى آخر الآية ، قال : هؤلاء المنافقون ، والذين أُوتُوا العلم : الصحابة رضي الله عنهم . وقوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ على قُلُوبِهِمْ } يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين هذه صفتهم هم القوم الذين ختم الله على قلوبهم ، فهم لا يهتدون للحقّ الذي بعث الله به رسوله عليه الصلاة والسلام ، { واتَّبَعُوا أهْوَاءَهُمْ } يقول : ورفضوا أمر الله ، واتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم ، فهم لا يرجعون مما هم عليه إلى حقيقة ولا برهان ، وسوّى جلّ ثناؤه بين صفة هؤلاء المنافقين وبين المشركين ، في أن جميعهم إنما يتبعون فيما هم عليه من فراقهم دين الله ، الذي ابتعث به محمداً صلى الله عليه وسلم أهواءهم ، فقال في هؤلاء المنافقين : { أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ على قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أهْوَاءَهُمْ } وقال في أهل الكفر به من أهل الشرك ، { كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ، واتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ } .