Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 26-26)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني تعالى ذكره بقوله : { إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِم الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّةِ } حين جعل سُهيل بن عمرو في قلبه الحمية ، فامتنع أن يكتب في كتاب المقاضاة الذي كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين : بسم الله الرحمن الرحيم ، وأن يكتب فيه : محمد رسول الله ، وامتنع هو وقومه من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ ، قال : كانت حميتهم التي ذكر الله ، إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ، حمية الجاهلية ، أنهم لم يقرّوا « بسم الله الرحمن الرحيم » وحالوا بينهم وبين البيت . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري بنحوه . حدثني عمرو بن محمد العثماني ، قال : ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : ثني أخي ، عن سليمان ، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتى يَقُولُوا لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ ، فَمَنْ قال لا إلَه إلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مالَهُ وَنَفْسَهُ إلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسابُهُ على الله " وأنزل الله في كتابه ، فذكر قوماً استكبروا فقال : { إنَّهُمْ كانُوا إذَا قِيلَ لَهُمْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُون } وقال الله : { إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّة فأنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رسَوُلِهِ وَعَلى المُؤْمِنينَ وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وكانُوا أحَقَّ بِها وأهْلَها } وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله ، استكبر عنها المشركون يوم الحُديبية ، يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية المدّة . و « إذ » من قوله : { إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا } من صلة قوله : لعذّبنا . وتأويل الكلام : لعذّبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً ، حين جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ، والحمية فعيلة من قول القائل : حمى فلان أنفه حمية ومحمية ومنه قول المتلمس : @ ألا إنَّنِي مِنْهُمْ وَعِرْضِي عِرْضُهُمْ كَذا الرأس يَحْمي أنْفَهُ أنْ يُكَشَّما @@ يعني بقوله : « يحمي » : يمنع . وقال { حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّةِ } لأن الذي فعلوا من ذلك كان جميعه من أخلاق أهل الكفر ، ولم يكن شيء منه مما أذن الله لهم به ، ولا أحد من رسله . وقوله : { فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعلى المُؤْمِنِينَ } يقول تعالى ذكره فأنزل الله الصبر والطمأنينة والوقار على رسوله وعلى المؤمنين ، إذ حمى الذين كفروا حمية الجاهلية ، ومنعوهم من الطواف بالبيت ، وأبوا أن يكتبوا في الكتاب بينه وبينهم بسم الله الرحمن الرحيم ، ومحمد رسول الله { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } يقال : ألزمهم قول لا إله إلا الله التي يتقون بها النار ، وأليم العذاب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف في ذلك منهم ، ورُوي به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر قائلي ذلك بما قلنا فيه ، والخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي ، قال : ثنا سفيان بن حبيب ، قال : ثنا شعبة ، عن ثور بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن الطفيل ، عن أبيه ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { وألْزَمَهُمْ كَلمَةَ التَّقْوَى } قال : " لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ " . حدثني محمد بن خالد بن خداش العَتَكِيّ ، قال : سمعت سالماً ، سمع شعبة ، سمعَ سَلَمة بن كُهَيل ، سمعِ عبَايَة ، سمع علياً رضي الله عنه في قوله : { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : لا إله إلا الله . حدثني ابن بشار ، قال : ثنا يحيى وعبد الرحمن ، قالا : ثنا سفيان ، عن سلمة ، عن عباية بن ربعي ، عن عليّ رضي الله عنه ، في قوله : { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : لا إله إلاَّ الله ، والله أكبر . حدثني محمد بن عيسى الدامغاني ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن سفيان وشعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن رجل ، عن عليّ رضي الله عنه قال : لا إله إلاَّ الله ، والله أكبر . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن سلمة ، عن عباية ، عن رجل من بني تميم عن عليّ رضي الله عنه { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : لا إله إلاَّ الله . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } يقول : شهادة أن لا إله إلاَّ الله ، فهي كلمة التقوى ، يقول : فهي رأس التقوى . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت أبا إسحاق يحدّث عن عمرو بن ميمون أنه كان يقول في هذه الآية { وألْزَمَهُم كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : لا إله إلاَّ الله . حدثني محمد بن عيسى ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، قال : أخبرني سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، مثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون { وأَلْزَمَهَمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : لا إله إلاَّ الله . قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } وقال : لا إله إلاَّ الله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } وهي : شهادة أن لا إله إلا الله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : هي لا إله إلاَّ الله . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } هي لا إله إلاَّ الله . حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا حفص بن عمر ، قال : ثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، في قوله : { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : شهادة أن لا إله إلاَّ الله . حدثني ابن البرقيّ ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن عطاء الخراسانيّ { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله . حدثني الصواريّ محمد بن إسماعيل ، قال : ثنا محمد بن سوار ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن يزيد بن أبي خالد المكي ، عن عليّ الأزديّ ، قال : كنت مع ابن عمر بين مكة ومنى بالمأزمين ، فسمع الناس يقولون : لا إله إلاَّ الله ، والله أكبر ، فقال : هي هي ، فقلت : ما هي ؟ قال : { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } الإخلاص { وكَانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَهَا } . وقال آخرون : بل : هي كلمة التقوى ، الإخلاص . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ بن الحسين الأزديّ ، قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةً التَّقْوَى } قال : الإخلاص . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { كَلِمَةَ التَّقْوَى } كلمة الإخلاص . وقال آخرون : هي قوله : بسم الله الرحمن الرحيم . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عيسى ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهريّ ، في قوله : { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : بسم الله الرحمن الرحيم . وقال آخرون : هي قول لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرّيب ، قال : ثنا ابن يمان ، قال : أخبرنا ابن جُرَيج ، عن مجاهد وعطاء { وألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } قال : أحدهما الإخلاص ، وقال الآخر : كلمة التقوى : لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له له المُلك وله الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير . وقوله : { وكانُوا أحَقَّ بِها وأهْلَها } يقول تعالى ذكره : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم : والمؤمنون أحقّ بكلمة التقوى من المشركين وأهلها : يقول : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أهل كلمة التقوى دون المشركين . وذُكر أنها في قراءة عبد الله « وكانُوا أهْلَها وأحَقَّ بِها » . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة وكانُوا أَحَقَّ بها وأهْلَها وكان المسلمون أحقّ بها ، وكانوا أهلها : أي التوحيد ، وشهادة أن لا إله إلاَّ الله ، وأن محمداً عبده ورسوله . وقوله : { وكانَ اللَّهُ بكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً } يقول تعالى ذكره : ولم يزل الله بكل شيء ذا علم ، لا يخفى عليه شيء هو كائن ، ولعلمه أيها الناس بما يحدث من دخولكم مكة وبها رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات لم تعلموهم ، لم يأذن لكم بدخولكم مكة في سفرتكم هذه .