Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 3-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول القائل : لم يجر للبعث ذكر ، فيخبر عن هؤلاء القوم بكفرهم ما دعوا إليه من ذلك ، فما وجه الخبر عنهم بإنكارهم ما لم يدعوا إليه ، وجوابهم عما لم يُسألوا عنه . قيل : قد اختلف أهل العربية في ذلك ، فنذكر ما قالوا في ذلك ، ثم نتبعه البيان إن شاء الله تعالى ، فقال في ذلك بعض نحوِّيي البصرة قال : { أئذا مِتْنا وكُنَّا تُرَاباً ذَلكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } ، لم يذكر أنه راجع ، وذلك والله أعلم لأنه كان على جواب ، كأنه قيل لهم : إنكم ترجعون ، فقالوا : { أئِذَا متنا وكُنَّا تُرَاباً ذَلكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } وقال بعض نحوِّيي الكوفة قوله : { أئِذَا متْنا وكُنَّا تُرَاباً } كلام لم يظهر قبله ، ما يكون هذا جواباً له ، ولكن معناه مضمر ، إنما كان والله أعلم : { ق والقرآن المجيد } لَتُبْعثنّ بعد الموت ، فقالوا : أئذَا كنا تراباً بُعثنا ؟ جحدوا البعث ، ثم قالوا : { ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } جحدوه أصلاً ، قوله : { بَعِيدٌ } كما تقول للرجل يخطىء في المسألة ، لقد ذهبت مذهباً بعيداً من الصواب : أي أخطأت . والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن في هذا الكلام متروكاً استغني بدلالة ما ذُكر عليه من ذكره ، وذلك أن الله دلّ بخبره عن تكذيب هؤلاء المشركين الذين ابتدأ هذه السورة بالخبر عن تكذيبهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله : { بَلْ عَجِبُوا أنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الكافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } على وعيده إياهم على تكذيبهم محمداً صلى الله عليه وسلم ، فكأنه قال لهم : إذ قالوا منكرين رسالة الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم { هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } ستعلمون أيها القوم إذا أنتم بُعثتم يوم القيامة ما يكون حالكم في تكذيبكم محمداً صلى الله عليه وسلم ، وإنكاركم نبوّته ، فقالوا مجيبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أئِذَا مِتْنا وكُنَّا تُراباً نعلم ذلك ، ونرى ما تعدنا على تكذيبك { ذلكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } : أي أن ذلك غير كائن ، ولسنا راجعين أحياء بعد مماتنا ، فاستغني بدلالة قوله : { بَلْ عَجِبُوا أنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فقال الكافرون هَذَا شَيْءٌ عَجيبٌ } من ذكر ما ذكرت من الخبر عن وعيدهم . وفيما : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول قي قوله : { أئِذَا متْنا وكُنَّا تُرَاباً ذلكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } قالوا : كيف يحيينا الله ، وقد صرنا عظاماً ورفاتاً ، وضللنا في الأرض ، دلالة على صحة ما قلنا من أنهم أنكروا البعث إذا توعَّدوا به . وقوله : { قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمُ } يقول تعالى ذكره : قد علمنا ما تأكل الأرض من أجسامهم بعد مماتهم ، وعندنا كتاب بما تأكل الأرض وتفني من أجسامهم ، ولهم كتاب مكتوب مع علمنا بذلك ، حافظ لذلك كله ، وسماه الله تعالى حفيظاً ، لأنه لا يدرس ما كتب فيه ، ولا يتغير ولا يتبدل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ } يقول : ما تأكل الأرض من لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ } قال : من عظامهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمُ } يقول : ما تأكل الأرض منهم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ } قال : يعني الموت ، يقول : من يموت منهم ، أو قال : ما تأكل الأرض منهم إذا ماتوا . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، قال الله { قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ } يقول : ما أكلت الأرض منهم ونحن عالمون به ، وهم عندي مع علمي فيهم في كتاب حفيظ .