Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 3-7)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه { إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى } يقول : ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى } : أي ما ينطق عن هواه { إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } قال : يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبرائيل ، ويوحي جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : عنى بقوله : { وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى } بالهوى . وقوله : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى } : يقول تعالى ذكره : عَلَّم محمداً صلى الله عليه وسلم هذا القرآن جبريلُ عليه السلام ، وعُنِي بقوله : { شَديدُ القُوَى } شديد الأسباب . والقُوى : جمع قوّة ، كما الجثى : جمع جثوة ، والحبى : جمع حبوة . ومن العرب من يقول : { القِوَى } : بكسر القاف ، كما تُجمع الرشوة رِشا بكسر الراء ، والحبوة حِبا . وقد ذُكر عن العرب أنها تقول : رُشوة بضم الراء ، ورِشوة بكسرها ، فيجب أن يكون جمع من جمع ذلك رشا بكسر الراء على لغة من قال : واحدها رشوة ، وأن يكون جمع من جمع ذلك بضمّ الراء ، من لغة من ضمّ الراء في واحدها وإن جمع بالكسر من كان لغته من الضمّ في الواحدة ، أو بالضمّ من كان من لغته الكسر ، فإنما هو حمل إحدى اللغتين على الأخرى . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى } قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى } يعني جبريل . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى } قال : جبرائيل عليه السلام . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، مثله . وقوله : { ذُو مِرَّةٍ فاسْتَوَى } اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { ذُو مِرَّةٍ } فقال بعضهم : معناه : ذو خَلْق حَسَن . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { ذُو مِرَّةٍ } قال : ذو منظر حسن . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ذُو مِرَّةٍ فاسْتَوَى } : ذو خَلْق طويل حسن . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ذو قوّة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثني الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { ذُو مِرَّةٍ فاسْتَوَى } قال : ذو قوّة جبريل . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { ذُو مِرَّةٍ } قال : ذو قوّة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ذُو مِرَّةٍ فاسْتَوَى } قال : ذو قوّة ، المرّة : القوّة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام عن أبي جعفر عن الربيع { ذُو مِرَّةٍ فاسْتَوَى } جبريل عليه السلام . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : عنى بالمِرّة : صحة الجسم وسلامته من الآفات والعاهات ، والجسم إذا كان كذلك من الإنسان ، كان قوياً ، وإنما قلنا إن ذلك كذلك ، لأن المِرة واحدة المِرر ، وإنما أُريد به : { ذو مِرّة } سوية . وإذا كانت المِرّة صحيحة ، كان الإنسان صحيحاً . ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيّ ، وَلا لِذِي مِرَّةٍ سِوِيًّ " . وقوله : { فاسْتَوَى وَهُوَ بالأُفُقِ الأعْلَى } يقول : فاستوى هذا الشديد القويّ وصاحبكم محمد بالأفق الأعلى ، وذلك لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم استوى هو وجبريل عليهما السلام بمطلع الشمس الأعلى ، وهو الأفق الأعلى ، وعطف بقوله : « وهو » على ما في قوله : « فاستوى » من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ، والأكثر من كلام العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا الموضع أن يظهروا كناية المعطوف عليه ، فيقولوا : استوى هو وفلان ، وقلَّما يقولون استوى وفلان وذكر الفرّاء عن بعض العرب أنه أنشده : @ ألَمْ تَرَ أنَّ النَّبْعَ يَصْلُبُ عُودُهُ وَلا يَسْتَوِي وَالخِرْوعُ المُتَقَصِّفُ @@ فردّ الخروع على « ما » في يستوي من ذكر النبع ، ومنه قوله الله : { أئِذَا كُنَّا تُرَاباً وآباؤُنا } فعطف بالآباء على المكنيّ في كنا من غير إظهار نحن ، فكذلك قوله : { فاسْتَوَى وَهُوَ } ، وقد قيل : إن المستوي : هو جبريل ، فإن كان ذلك كذلك ، فلا مُؤْنة في ذلك ، لأن قوله : { وهو } من ذكر اسم جبريل ، وكأن قائل ذلك وجَّه معنى قوله : { فاسْتَوَى } : أي ارتفع واعتدل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { ذُو مِرَّةٍ فاسْتَوَى } جبريل عليه السلام وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَهُوَ بالأُفُقِ الأَعْلَى } والأفق : الذي يأتي منه النهار . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : { وَهُوَ بالأُفقِ الأعْلَى } قال : بأفق المشرق الأعلى بينهما . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { وَهُوَ بالأُفُقِ الأعْلَى } يعني جبريل . قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { وَهُوَ بالأُفُقِ الأَعْلَى } قال : السماء الأعلى ، يعني جبريل عليه السلام .