Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 46-49)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون من أنهم لا يبعثون بعد مماتهم { بَل السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } للبعث والعقاب { وَالسَّاعَةُ أدْهَى وأمَرُّ } عليهم من الهزيمة التي يهزمونها عند التقائهم مع المؤمنين ببدر . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن عمرو بن مرّة ، عن شهر بن حوشب ، قال : إن هذه الآية نزلت بهلاك إنما موعدهم الساعة ، ثم قرأ { أكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ } … إلى قوله : { والسَّاعَةُ أدْهَى وأمَرُّ } . وقوله : { إنَّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ } يقول تعالى ذكره : إن المجرمين في ذهاب عن الحقّ ، وأخذ على غير هدى { وَسُعُرٍ } يقول : في احتراق من شدّة العناء والنصب في الباطل . كما : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { في ضَلالٍ وَسُعُرٍ } قال : في عناء . وقوله : { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ على وُجُوهِهِمْ } يقول تعالى ذكره : يوم يُسحب هؤلاء المجرمون في النار على وجوههم . وقد تأوّل بعضهم قوله : { فِي النارِ على وُجُوهِهِمْ } إلى النار . وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله « يَوْمَ يُسْحَبُونَ إلى النَّارِ على وُجُوهِهِمْ » . وقوله : { ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ } يقول تعالى ذكره : يوم يُسحبون في النار على وجوههم ، يقال لهم : ذوقوا مَسَّ سقَر ، وترك ذكر « يقال لهم » استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره . فإن قال قائل : كيف يُذاق مسّ سقر ، أوَله طعم فيُذاق ؟ فإن ذلك مختلف فيه فقال بعضهم : قيل ذلك كذلك على مجاز الكلام ، كما يقال : كيف وجدت طعم الضرب وهو مجاز ؟ وقال آخر : ذلك كما يقال : وجدتُ مسّ الحمى يُراد به أوّل ما نالني منها ، وكذلك وجدت طعم عفوك . وأما سَقَرُ فإنها اسم باب من أبواب جهنم وترك إجراؤها لأنها اسم لمؤنث معرفة . وقوله : { إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بقَدَرٍ } يقول تعالى ذكره : إنا خلقنا كل شيء بمقدار قدّرناه وقضيناه ، وفي هذا بيان ، أن الله جلّ ثناؤه ، توعَّد هؤلاء المجرمين على تكذيبهم في القدر مع كفرهم به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا هشام بن سعد ، عن أبي ثابت ، عن إبراهيم بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن عباس أنه كان يقول : إني أجد في كتاب الله قوماً يُسحبون في النار على وجوههم ، يقال لهم : { ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ } لأنهم كانوا يكذّبون بالقَدَر ، وإني لا أراهم ، فلا أدري أشيء كان قبلنا ، أم شيء فيما بقي . حدثنا ابن بشار وابن المثنى ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : ثنا سفيان ، عن زياد بن إسماعيل السَّهْمِيّ ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، عن أبي هريرة أن مشركي قريش خاصمت النبيّ صلى الله عليه وسلم في القَدَر ، فأنزل الله { إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ } . حدثنا ابن بشار وابن المثنى وأبو كُرَيب ، قالوا : ثنا وكيع بن الجرّاح ، قال : ثنا سفيان ، عن زياد بن إسماعيل السَّهميّ ، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ ، عن أبي هريرة ، قال : جاء مشركو قريش إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القَدَر ، فنزلت { إنَّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ } . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن سفيان ، عن زياد بن إسماعيل السهمي ، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ ، عن أبي هريرة ، بنحوه . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ ، قال : « لما نزلت هذه الآية { إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ } قال رجل : يا رسول الله ففيم العمل ؟ أفي شيء نستأنفه ، أو في شيء قد فرغ منه ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اعْمَلُوا فَكُلُّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ ، سَنَيَسِّرُهُ للْيُسْرَى ، وَسَنَيْسِّرُهُ للعُسْرَى " . حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : ثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : ثنا خصيف ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظيّ يقول : لما تكلم الناس في القَدَر نظرت ، فإذا هذه الآية أنزلت فيهم { إنَّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ … } إلى قوله { خَلَقْناهُ بقَدَرٍ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ويزيد بن هارون ، قالا : ثنا سفيان ، عن سالم ، عن محمد بن كعب ، قال : ما نزلت هذه الآية إلاَّ تعييراً لأهل القدر { ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ } . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن محمد بن كعب القُرَظي { ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ } قال : نزلت تعييراً لأهل القَدَر . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن زياد بن إسماعيل السَّهمي ، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ ، عن أبي هريرة ، قال : جاء مشركو قريش إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر ، فنزلت : { إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بقَدَرٍ } . قال : ثنا مهران ، عن حازم ، عن أُسامة ، عن محمد بن كعب القُرَظيّ مثله . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ } قال : خلق الله الخلق كلهم بقدر ، وخلق لهم الخير والشرّ بقدر ، فخير الخير السعادة ، وشرّ الشرّ الشقاء ، بئس الشرّ الشقاء . واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله : { كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ } فقال بعض نحويِّي البصرة : نصب كلّ شيء في لغة من قال : عبد الله ضربته قال : وهي في كلام العرب كثير . قال : وقد رفعت كلّ في لغة من رفع ، ورفعت على وجه آخر . قال { إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بقَدَرٍ } فجعل خلقناه من صفة الشيء وقال غيره : إنما نصب كلّ لأن قوله خلقناه فعل ، لقوله « إنا » ، وهو أولى بالتقديم إليه من المفعول ، فلذلك اختير النصب ، وليس قيل عبد الله في قوله : عبد الله ضربته شيء هو أولى بالفعل ، وكذلك إنا طعامك ، أكلناه الاختيارُ النصب لأنك تريد : إنا أكلنا طعامك الأكل ، أولى بأنا من الطعام . قال : وأما قول من قال : خلقناه وصف للشيء فبعيد ، لأن المعنى : إنا خلقناه كلّ شيء بقدر ، وهذا القول الثاني أولى بالصواب عندي من الأوّل للعلل التي ذكرت لصاحبها .