Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 17-21)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ذلكم أيها الثقلان { رَبُّ المَشْرِقَينِ } يعني بالمشرقين : مشرق الشمس في الشتاء ، ومشرقها في الصيف . وقوله : { وَرَبُّ المَغْرِبَينِ } يعني : وربّ مغرب الشمس في الشتاء ، ومغربها في الصيف . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن ابن أبزى ، قوله : { رَبُّ المَشْرقَينِ وَرَبُّ المَغْرِبَينِ } قال : مشارق الصيف ومغارب الصيف ، مشرقان تجري فيهما الشمس ستون وثلاث مئة في ستين وثلاث مئة بُرْج ، لكلّ برج مطلع ، لا تطلع يومين من مكان واحد . وفي المغرب ستون وثلاث مئة برج ، لكل برج مغيب ، لا تغيب يومين في برج . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { رَبُّ المَشْرِقَينِ وَرَبُّ المَغْرِبَينِ } قال : مشرق الشتاء ومغربه ، ومشرق الصيف ومغربه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { رَبُّ المَشْرِقَينِ وَرَبُّ المَغْرِبَينِ } فمشرقها في الشتاء ، ومشرقها في الصيف . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن مروان ، قال : ثنا أبو العوّام ، عن قتادة قوله : { رَبُّ المَشْرِقَينِ وَرَبُّ المَغْرِبَينِ } قال : مشرق الشتاء ومغربه ، ومشرق الصيف ومغربه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { رَبُّ المَشْرِقَينِ وَرَبُّ المَغْرِبَينِ } قال : أقصر مشرق في السنة ، وأطول مشرق في السنة وأقصر مغرب في السنة ، وأطول مغرب في السنة . وقوله : { فَبِأيّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ } يقول : فبأيّ نعم ربكما معشر الجنّ والإنس من هذه النعم التي أنعم بها عليكم من تسخيره الشمس لكم في هذين المشرقين والمغربين تجري لكما دائبة بمرافقكما ، ومصالح دنياكما ومعايشكما تكذبان . وقوله : { مَرَجَ البَحْرَيْن يَلْتَقِيانِ } يقول تعالى ذكره : مرج ربّ المشرقين وربّ المغربين البحرين يلتقيان ، يعني بقوله : { مَرَجَ } : أرسل وخلى ، من قولهم : مرج فلان دابته : إذا خلاها وتركها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { مَرَجَ البَحْرَين } يقول : أرسل . واختلف أهل العلم في البحرين اللذين ذكرهما الله جلّ ثناؤه في هذه الآية ، أيّ البحرين هما ؟ فقال بعضهم : هما بحران : أحدهما في السماء ، والآخر في الأرض . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن ابن أبزى { مَرَجَ البَحْرَيْن يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ } قال : بحر في السماء ، وبحر في الأرض . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر عن سعيد ، في قوله : { مَرَجَ البَحْرَيْن يَلْتَقِيانِ } قال : بحر في السماء ، وبحر في الأرض . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : { مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ } قال : بحر في السماء والأرض يلتقيان كلّ عام . وقال آخرون : عنى بذلك بحر فارس وبحر الروم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن زياد مولى مصعب ، عن الحسن { مَرَجَ البَحْرَيْن يَلْتَقِيانِ } قال : بحر الروم ، وبحر فارس واليمن . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { مَرَجَ البَحْرَيْن يَلْتَقِيانِ } فالبحران : بحر فارس ، وبحر الروم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ } قال : بحر فارس وبحر الروم . وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عُنِيَ به بحر السماء ، وبحر الأرض ، وذلك أن الله قال { يَخْرُجُ منْهُما اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجانُ } واللؤلؤ والمرجان إنما يخرج من أصداف بحر الأرض عن قَطْر ماء السماء ، فمعلوم أن ذلك بحر الأرض وبحر السماء . وقوله : { بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ } يقول تعالى ذكره : بينهما حاجز وبعدٌ ، لا يُفسد أحدهما صاحبه فيبغي بذلك عليه ، وكل شيء كان بين شيئين فهو برزخ عند العرب ، وما بين الدنيا والآخرة برزخ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن ابن أبزى { بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ } لا يبغي أحدهما على صاحبه . قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا فطر ، عن مجاهد ، قوله : { بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ } قال : بينهما حاجز من الله ، لا يبغي أحدهما على الآخر . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ } يقول : حاجز . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ } والبرزخ : هذه الجزيرة ، هذا اليبَس . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : البرزخ الذي بينهما : الأرض التي بينهما . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن مروان ، قال : ثنا أبو العوّام ، عن قتادة { بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ } قال : حُجِز المالح عن العذب ، والعذب عن المالح ، والماء عن اليبس ، واليبس عن الماء ، فلا يبغي بعضه على بعض بقوّته ولطفه وقُدرته . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ } قال : منعهما أن يلتقيا بالبرزخ الذي جعل بينهما من الأرض . قال : والبرزخ بعد الأرض الذي جعل بينهما . واختلف أهل التأويل في معنى قوله : { لا يَبْغِيانِ } فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يبغي أحدهما على صاحبه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن ابن أبزى { لا يَبْغِيانِ } : لا يبغي أحدهما على صاحبه . قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا فطر ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن مروان ، قال : ثنا أبو العوّام ، عن قتادة مثله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهما لا يختلطان . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { لا يَبْغِيانِ } قال : لا يختلطان . وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يبغيان على اليَبَس . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لا يَبْغِيانِ } على اليبس ، وما أخذ أحدهما من صاحبه فهو بغي ، فحجز أحدهما عن صاحبه بقدرته ولطفه وجلاله تبارك وتعالى . وقال آخرون : بل معناه : لا يبغيان أن يلتقيا . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { لا يَبْغِيانِ } قال : لا يبغي أحدهما أن يلتقي مع صاحبه . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الآية أنهما لا يبغيان ، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء ، بل عمّ الخبر عنهما بذلك ، فالصواب أن يُعَمَّ كما عمّ جلّ ثناؤه ، فيقال : إنهما لا يبغيان على شيء ، ولا يبغي أحدهما على صاحبه ، ولا يتجاوزان حدّ الله الذي حدّه لهما . وقوله : { فَبِأيّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذّبانِ } يقول تعالى ذكره : فبأيّ نعم الله ربكما معشر الجنّ والإنس تكذّبان من هذه النعم التي أنعم عليكم من مَرْجه البحرين ، حتى جعل لكم بذلك حلية تلبسونها كذلك .