Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 86-89)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : فهلاّ إن كنتم أيها الناس غير مدينين . واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { مَدِينِينَ } فقال بعضهم : غير محاسبين . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } يقول : غير محاسبين . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { غِيرَ مَدِينِينَ } قال : محاسبين . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } : أي محاسبين . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مدِينِينَ } قال : كانوا يجحدون أن يُدانوا بعد الموت ، قال : وهو مالك يوم الدين ، يوم يُدان الناس بأعمالهم ، قال : يدانون : يحاسبون . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أبو رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيَرَ مَدِينِينَ } قال : غير محاسبين . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سليمان ، قال : ثنا أبو هلال ، عن قتادة { فَلَوْلا إنْ كُمْتُمْ غَيَرَ مَدِينِينَ } قال : غير مبعوثين ، غير محاسبين . وقال آخرون : معناه : غير مبعوثين . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } غير مبعوثين يوم القيامة ، ترجعونها إن كنتم صادقين . وقال آخرون : بل معناه : غير مجزيين بأعمالكم . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : غير محاسبين فمجزيين بأعمالكم من قولهم : كما تدين تدان ، ومن قول الله : { مالِكِ يَوْمِ الدّينِ } وقوله : { تَرْجِعُوَنها إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يقول : تردّون تلك النفوس من بعد مصيرها إلى الحلاقيم إلى مستقرّها من الأجساد إن كنتم صادقين ، إن كنتم تمتنعون من الموت والحساب والمجازاة ، وجواب قوله : { فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الْحَلْقُومَ } وجواب قوله : { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } جواب واحد وهو قوله : { تَرْجِعُوَنها } وذلك نحو قوله : { فإمَّا يأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } جعل جواب الجزاءين جواباً واحداً . وبنحو الذي قلنا في قوله : { تَرْجِعُوَنها } قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { تَرْجِعُوَنها } قال : لتلك النفس { إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } . وقوله : { فأمَّا إنْ كانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } يقول تعالى ذكره : فأما إن كان الميت من المقرّبين الذين قرّبهم الله من جواره في جنانه { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } يقول : فله روح وريحان . واختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار { فَرَوْحٌ } بفتح الراء ، بمعنى : فله برد . { وَرَيْحانٌ } يقول : ورزق واسع في قول بعضهم ، وفي قول آخرين فله راحة وريحان وقرأ ذلك الحسن البصريّ « فَرُوحٌ » بضم الراء ، بمعنى : أن روحه تخرج في ريحانة . وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأه بالفتح لإجماع الحجة من القرّاء عليه ، بمعنى : فله الرحمة والمغفرة ، والرزق الطيب الهنّي . واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { فَرَوْحٌ ورَيْحانٌ } فقال بعضهم : معنى ذلك : فراحة ومستراح . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } يقول : راحة ومستراح . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فأمَّا إنْ كانَ مِنَ المُقَرّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } قال : يعني بالريحان : المستريح من الدنيا { وَجَنَّةُ نَعِيمٍ } يقول : مغفرة ورحمة . وقال آخرون : الرَّوح : الراحة ، والرَّيْحان : الرزق . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } قال : راحة . وقوله : وريحان قال : الرزق . وقال آخرون : الرَّوْح : الفرح ، والرَّيْحان : الرزق . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا إدريس ، قال : سمعت أبي ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جُبَير ، في قوله : { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } قال : الرّوْح : الفرح ، والرَّيحان : الرزق . وأما الذين قرأوا ذلك بضم الراء فإنهم قالوا : الرُّوح : هي رُوح الإنسان ، والرَّيحان : هو الريحان المعروف . وقالوا : معنى ذلك : أن أرواح المقرّبين تخرج من أبدانهم عند الموت برَيحان تشمه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن الحسن { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } قال : تخرج رُوحه في ريحانة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية { فأما إنْ كانَ مِنَ المقرّبين } قال : لم يكن أحد من المقرّبين يفارق الدنيا ، والمقرّبون السابقون ، حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ، ثم يُقبض . وقال آخرون ممن قرأ ذلك بفتح الراء : الرَّوْح : الرحمة ، والرَّيحان : الريحان المعروف . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } قال : الروح : الرحمة ، والريحان : يُتَلَقى به عند الموت . وقال آخرون منهم : الرَّوْح : الرحمة ، والرَّيحان : الاستراحة . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } الرَّوْح : المغفرة والرحمة ، والرَّيحان : الاستراحة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن منذر الثوريّ ، عن الربيع بن خثيم { فأمَّا إنْ كانَ مِنَ المُقَرّبِينَ } قال : هذا عند الموت { فَرَوْحٌ وَرَيحانٌ } قال : يُجاء له من الجنة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا قرة ، عن الحسن ، في قوله : { فأمَّا إنْ كانَ مِنَ المُقَربِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنةُ نَعِيمٍ } قال : ذلك في الآخرة ، فقال له بعض القوم قال : أما والله إنهم ليرون عند الموت . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا حماد ، قال : ثنا قُرة ، عن الحسن ، بمثله . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي : قول من قال : عُني بالرَّوْح : الفرح والرحمة والمغفرة ، وأصله من قولهم : وجدت رَوْحاً : إذا وجد نسيماً يَسَترْوح إليه من كَرَبِ الحرّ . وأما الرَّيحان ، فإنه عندي الريحان الذي يُتَلقى به عند الموت ، كما قال أبو العالية والحسن ، ومن قال في ذلك نحو قولهما ، لأن ذلك الأغلب والأظهر من معانيه . وقوله : { وَجَنَّةُ نَعِيمٍ } يقول : وله مع ذلك بستان نعيم يتنعم فيه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : وجنة نعيم ، قال : قد عُرِضت عليه .