Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 14-16)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفت القرّاء في قراءة قوله : { أنْ كانَ } فقرأ ذلك أبو جعفر المدنيّ وحمزة : « أأنْ كانَ ذَا مالٍ » بالاستفهام بهمزتين ، وتتوجه قراءة من قرأ ذلك كذلك إلى وجهين : أحدهما أن يكون مراداً به تقريع هذا الحلاَّف المهين ، فقيل : ألأن كان هذا الحلاف المهين ذا مال وبنين { إذَا تُتْلَى عَلَيْه آياتُنا قالَ أساطيرُ الأوّلين } وهذا أظهر وجهيه . والآخر أن يكون مراداً به : ألأن كان ذا مال وبنين تطيعه ، على وجه التوبيخ لمن أطاعه . وقرأ ذلك بعد سائر قرّاء المدينة والكوفة والبصرة : { أنْ كانَ ذا مال } على وجه الخبر بغير استفهام بهمزة واحدة ومعناه إذا قُرىء كذلك : ولا تطع كلّ حلاف مهين { أن كان ذا مال وبنين } كأنه نهاه أن يطيعه من أجل أنه ذو مال وبنين . وقوله : { إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ } يقول : إذا تقرأ عليه آيات كتابنا ، قال : هذا مما كتبه الأوّلون استهزاء به وإنكاراً منه أن يكون ذلك من عند الله . وقوله : { سَنَسِمُهُ على الخُرْطُومِ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : سنخطمه بالسيف ، فنجعل ذلك علامة باقية ، وسمة ثابتة فيه ما عاش . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { سَنَسِمُهُ على الخُرْطُومِ } فقاتل يوم بدر ، فخُطِم بالسيف في القتال . وقال آخرون : بل معنى ذلك سنشينه شيناً باقياً . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { سَنَسِمُهُ على الخُرْطُومِ } شَيْن لا يفارقه آخر ما عليه . وقال آخرون : سيمَى على أنفه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { سَنَسِمُهُ على الخُرْطومِ } قال : سنسم على أنفه . وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك عندي قول من قال : معنى ذلك : سنبين أمره بياناً واضحاً حتى يعرفوه ، فلا يخفى عليهم ، كما لا تخفى السمة على الخرطوم . وقال قتادة : معنى ذلك : شين لا يفارقه آخر ما عليه ، وقد يحتمل أيضاً أن يكون خطم بالسيف ، فجمع له مع بيان عيوبه للناس الخطم بالسيف . ويعني بقوله : { سَنَسِمُهُ } سنكويه . وقال بعضهم : معنى ذلك : سنسمه سِمَة أهل النار : أي سنسوِّد وجهه . وقال : إن الخرطوم وإن كان خصّ بالسمة ، فإنه في مذهب الوجه ، لأن بعض الوجه يؤدّي عن بعض ، والعرب تقول : والله لأسمنك وسماً لا يفارقك ، يريدون الأنف . قال : وأنشدني بعضهم : @ لأُعَلِطَنَّهُ وَسْماً لا يُفارِقهُ كما يُجَزُّ بِحَمْى المِيسَمِ النَّجِر @@ والنجز : داء يأخذ الإبل فتُكوى على أنفها .