Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 149-149)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { ولَـمَّا سُقِطَ فِـي أيْدِيهمْ } : ولـما ندم الذين عبدوا العجل الذي وصف جلّ ثناؤه صفته عند رجوع موسى إلـيهم ، واستسلـموا لـموسى وحكمه فـيهم . وكذلك تقول العرب لكلّ نادم علـى أمر فـات منه أو سلف وعاجز عن شيء : « قد سقط فـي يديه » و « أسقط » لغتان فصيحتان ، وأصله من الاستئسار ، وذلك أن يضرب الرجل الرجل أو يصرعه ، فـيرمي به من يديه إلـى الأرض لـيأسره فـيكتفه ، فـالـمرميّ به مسقوط فـي يدي الساقط به ، فقـيـل لكلّ عاجز عن شيء ومصارع لعجزه متندم علـى ما فـاته : سقط فـي يديه وأسقط . وعنى بقوله : { وَرَأَوْا أنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا } ورأوا أنهم قد جاروا عن قصد السبـيـل وذهبوا عن دين الله ، وكفروا بربهم ، قالوا تائبـين إلـى الله منـيبـين إلـيه من كفرهم به : { لَئِنْ لَـمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَنكُونَنَّ مِنَ الـخاسِرِينَ } . ثم اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء أهل الـمدينة ومكة والكوفة والبصرة : { لَئِنْ لَـمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا } بـالرفع علـى وجه الـخبر . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة : « لَئِنْ لَـمْ تَرْحَمْنا رَبَّنا » بـالنصب بتأويـل لئن لـم ترحمنا يا ربنا ، علـى وجه الـخطاب منهم لربهم . واعتلّ قارئو ذلك كذلك بأنه فـي إحدى القراءتـين : « قالوا لَئِنْ لَـمْ تَرْحَمْنا رَبِّنا وَتَغْفِرْ لَنا » ، وذلك دلـيـل علـى الـخطاب . والذي هو أولـى بـالصواب من القراءة فـي ذلك القراءة علـى وجه الـخبر بـالـياء فـي « يرحمنا » وبـالرفع فـي قوله « ربُّنا » ، لأنه لـم يتقدّم ذلك ما يوجب أن يكون موجها إلـى الـخطاب . والقراءة التـي حكيت علـى ما ذكرنا من قراءتها : « قالوا لَئِنْ لَـمْ تَرْحَمْنا رَبَّنا » لا نعرف صحتها من الوجه الذي يجب التسلـيـم إلـيه . ومعنى قوله : { لَئِنْ لَـمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا } : لئن لـم يتعطف علـينا ربنا بـالتوبة برحمته ، ويتغمد بها ذنوبنا ، لنكوننّ من الهالكين الذين حبطت أعمالهم .