Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 203-203)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وإذا لـم تأت يا مـحمد هؤلاء الـمشركين بآية من الله { قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } يقول : قالوا هلا اخترتها واصطفـيتها ، من قول الله تعالـى : { وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبـي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ } يعنـي : يختار ويصطفـي . وقد بـيَّنا ذلك فـي مواضعه بشواهده . ثم اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : هلا افتعلتها من قِبَل نفسك واختلقتها بـمعنى : هلا اجتبـيتها اختلاقـاً كما تقول العرب : لقد اختار فلان هذا الأمر وتـخيره اختلاقـاً . ذكر من قال ذلك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذَا لَـمْ تَأْتِهِمْ بآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } أي لولا أتـيتنا بها من قبل نفسك هذا قول كفـار قريش . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثـير ، عن مـجاهد ، قوله : { وَإذَا لَـمْ تَأْتِهِمْ بآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } قالوا : لولا اقتضبتها قالوا : تـخرجها من نفسك . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَإذَا لَـمْ تَأْتِهِمْ بآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } قالوا : لولا تقوّلتها ، جئت بها من عندك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنـي عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } يقول : لولا تلقَّـيتها . وقال مرّة أخرى : لولا أحدثتها فأنشأتها . حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } يقول : لولا أحدثتها . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : { لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } قال : لولا جئت بها من نفسك . وقال آخرون : معنى ذلك : هلا أخذتها من ربك وتقبلتها منه ذكر من قال ذلك . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قوله : { لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } يقول : لولا تقبلتها من الله . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } يقول : لولا تلقـيتها من ربك . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { لَوْلا اجْتَبَـيْتَها } يقول : لولا أخذتها أنت فجئت بها من السماء . قال أبو جعفر : وأولـى التأويـلـين بـالصواب فـي ذلك ، تأويـل من قال تأويـله : هلا أحدثتها من نفسك لدلالة قول الله : { قُلْ إنَّـمَا أتَّبِعُ ما يُوحَى إلـيَّ مِنْ رَبّـي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ } يبـين ذلك أن الله إنـما أمر نبـيه صلى الله عليه وسلم بأن يجيبهم بـالـخبر عن نفسه أنه إنـما يتبع ما ينزل علـيه ربه ويوحيه إلـيه ، لا أنه يحدث من قِبَل نفسه قولاً وينشئه فـيدعو الناس إلـيه . وحُكي عن الفراء أنه كان يقول : اجتبـيت الكلام واختلقته وارتـجلته : إذا افتعلته من قِبَل نفسك . حدثنـي بذلك الـحرث ، قال : ثنا القاسم عنه . قال : أبو عبـيد ، وكان أبو زيد يقول : إنـما تقول العرب ذلك للكلام يبديه الرجل لـم يكن أعدّه قبل ذلك فـي نفسه . قال أبو عبـيد : واخترعه مثل ذلك . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { قُلْ إنَّـمَا أتَّبِعُ ما يُوحَى إلـيَّ مِنْ رَبِّـي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُم وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يِؤْمِنُونَ } . يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد للقائلـين لك إذا لـم تأتهم بآية هلاّ أحدثتها من قِبَل نفسك : إن ذلك لـيس لـي ولا يجوز لـي فعله لأن الله إنـما أمرنـي بـاتبـاع ما يوحى إلـيّ من عنده ، فإنـما أتبع ما يوحى إلـيّ من ربـي لأنـي عبده وإلـى أمره أنتهي وإياه أطيع . { هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ } يقول : هذا القرآن والوحي الذي أتلوه علـيكم بصائر من ربكم ، يقول : حجج علـيكم ، وبـيان لكم من ربكم ، واحدتها : بصيرة ، كما قال جلّ ثناؤه : { هَذَا بَصَائِرُ للنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . وإنـما ذكر هذا ووحَّد فـي قوله : { هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ } لـما وصفت من أنه مراد به القرآن والوحي . وقوله : { وَهُدًى } يقول : وبـيان يهدي الـمؤمنـين إلـى الطريق الـمستقـيـم ، ورحمة رحم الله به عبـاده الـمؤمنـين ، فأنقذهم به من الضلالة والهلكة . { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يقول : هو بصائر من الله وهدى ورحمة لـمن آمن ، يقول : لـمن صدق بـالقرآن أنه تنزيـل الله ووحيه ، وعمل بـما فـيه دون من كذب به وجحده وكفربه ، بل هو علـى الذين لا يؤمنون به غمّ وخزي .