Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 19-22)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل نوح لقومه ، مذكِّرهم نِعَم ربه : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِساطاً } تستقرّون عليها وتمتهدونها . وقوله : { لتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً } يقول : لتسلكوا منها طرقاً صعاباً متفرقة والفجاج : جمع فجّ ، وهو الطريق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً } قال : طرقاً وأعلاماً . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً } قال طرقاً . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً } يقول : طُرُقاً مختلفة . وقوله : { قالَ نُوحٌ رَبّ إنَّهُمْ عَصَوْنِي } فخالفوا أمري ، وردّوا عليّ ما دعوتهم إليه من الهدى والرشاد { واتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إلاَّ خَساراً } يقول : واتبعوا في معصيتهم إياي من دعاهم إلى ذلك ، ممن كثر ماله وولده ، فلم تزده كثرة ماله وولده إلا خساراً ، بُعداً من الله ، وذهاباً عن مَحَجَّة الطريق . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { وَوَلَدُهُ } فقرأته عامة قرّاء المدينة : { وَوَلَدُهُ } بفتح الواو واللام ، وكذلك قرءوا ذلك في جميع القرآن . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بضم الواو وسكون اللام ، وكذلك كلّ ما كان من ذكر الولد من سورة مريم إلى آخر القرآن . وقرأ أبو عمرو كلّ ما في القرآن من ذلك بفتح الواو واللام في غير هذا الحرف الواحد في سورة نوح ، فإنه كان يضمّ الواو منه . والصواب من القول عندنا في ذلك ، إن كلّ هذه القراءات قراءات معروفات ، متقاربات المعاني ، فبأي ذلك قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً } يقول : ومكروا مكراً عظيماً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى : وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { كُبَّاراً } قال : عظيماً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً } كثيراً ، كهيئة قوله : لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً ولا كِذَّاباً . والكُبَّار : هو الكبير ، كما قال ابن زيد ، تقول العرب : أمر عجيب وعجاب بالتخفيف ، وعُجَّاب بالتشديد ورجل حُسَان وحَسَّان ، وجُمال وَجمَّالٌ بالتخفيف والتشديد ، وكذلك كبير وكُبَّار بالتخفيف والتشديد .