Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 5-7)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْك قَوْلاً ثَقِيلاً } فقال بعضهم : عُني به إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً العمل به . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } قال : العمل به ، قال : إن الرجل لَيَهُذُّ السورة ، ولكنّ العمل به ثقيل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } ثقيل والله فرائضه وحدوده . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله { ثَقِيلاً } قال : ثقيل والله فرائضه وحدوده . وقال آخرون : بل عني بذلك أن القول عينه ثقيل محمله . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها ، فما تستطيع أن تتحرّك حتى يسرَّي عنه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } قال : هو والله ثقيل مبارك القرآن ، كما ثقل في الدنيا ثَقُل في الموازين يوم القيامة . وأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال : إن الله وصفه بأنه قول ثقيل ، فهو كما وصفه به ثقيل محمله ثقيل العمل بحدوده وفرائضه . وقوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطـئاً } يعني جلّ وعزّ بقوله : إن ناشئة الليل : إن ساعات الليل ، وكلّ ساعة من ساعات الليل ناشئة من الليل . وقد اختلف أهل التأويل في ذلك . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا حاتم بن أبي صغيرة ، قال : قلت لعبد الله بن أبي مليكة : ألا تحدثني أيّ الليل ناشئة ؟ قال : على الثبت سقطت ، سألت عنها ابن عباس ، فزعم أن الليل كله ناشئة ، وسألت عنها ابن الزبير ، فأخبرني مثل ذلك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل ، قالوا : نشأ . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } نشأ : قام . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي مَيْسرة { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : نشأ : قام . قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، قال : إذا قام الرجل من الليل ، فهو ناشئة الليل . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : هو الليل كله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : إذا قمت من الليل فهو ناشئة . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : كلّ شيء بعد العشاء فهو ناشئة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : قيام الليل قال : وأيّ ساعة من الليل قام فقد نشأ . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : أيّ الليل قمت فهو ناشئة . قال : ثنا مهران ، عن خارجة ، عن أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة ، عن ابن أبي مُلَيكة ، قال : سألت ابن عباس وابن الزبير عن ناشئة الليل فقالا : كلّ الليل ناشئة ، فإذا نشأت قائماً فتلك ناشئة . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : أيّ ساعة تَهَجَّدَ فيها متهجد من الليل . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } يعني الليل كله . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي عامر الخزاز ، ونافع عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس في قوله { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : الليل كله . قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الليل كله إذا قام يصلي فهو ناشئة . وقال آخرون : بل ذلك ما كان بعد العشاء ، فأما ما كان قبل العشاء فليس بناشئة . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن سليمان التيميّ ، عن أبي مُجَلِّز ، في قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : ما بعد العشاء ناشئة . قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أبو رجاء ، في قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : ما بعد العشاء الآخرة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : ناشئة الليل : ما كان بعد العشاء فهو ناشئة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سليمان ، قال : ثنا أبو هلال ، قال : قال قتادة في قوله { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ } قال : كلّ شيء بعد العشاء فهو ناشئة . وقوله : { هِيَ أشَد وَطْئاً } اختلفت قرّاء الأمصار في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء مكة والمدينة والكوفة { أشَدُّ وَطْئاً } بفتح الواو وسكون الطاء . وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة ومكة والشام : « وِطاء » بكسر الواو ومدّ الألف على أنه مصدر من قول القائل : واطأ اللسان القلب مواطأة ووِطاءً . والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . ويعني بقوله { هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } ناشئة الليل أشدّ ثباتاً من النهار وأثبت في القلب ، وذلك أن العمل بالليل أثبت منه بالنهار . وحُكي عن العرب : وَطِئنا الليل وطأ : إذا ساروا فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال من أهل التأويل من قرأه بفتح الواو وسكون الطاء ، وإن اختلفت عباراتهم في ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } : أي أثبت في الخير ، وأحفظ في الحفظ . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } قال : القيام بالليل أشدّ وطئا : يقول : أثبت في الخير . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } يقول : ناشئة الليل كانت صلاتهم أوّل الليل { هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } يقول : هو أجدر أن تُحْصُوا ما فرض الله عليكم من القيام ، وذلك أن الإنسان إذا نام لم يدر متى يستيقظ . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } قال : إن مصلى الليل القائم بالليل أشدّ وطئاً : طمأنينة أفرغ له قلباً ، وذلك أنه لا يَعْرِضُ له حوائج ولا شيء . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } يقول : قراءة القرآن بالليل أثبت منه بالنهار ، وأشدّ مواطأة بالليل منه بالنهار . وأما الذين قرأوا : « وِطاءً » بكسر الواو ومدّ الألف ، فقد ذكرت الذي عَنَوْا بقراءتهم ذلك كذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { أشَدُّ وَطْئاً } قال : أن تُوَاطيء قلبك وسمعك وبصرك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئاً } قال : تواطيء سمعك وبصرك وقلبك . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { أشَدُّ وَطْئاً } قال : مُوَاطأة للقول ، وفراغاً للقلب . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : سمعت ابن أبي نجيح يقول في قوله : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئاً وأقْوَمُ قِيلاً } قال : أجدر أن تواطىء لك سمعك ، أن تواطيء لك بصرك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { أشَدُّ وَطْئاً } قال : أجدر أن تواطىء سمعك وقلبك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد في قوله { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئاً وأقْوَمُ قِيلاً } قال : يواطيء سَمْعُك وبصرك وقلبك بعضه بعضاً . وقوله : { وأقْوَمُ قِيلاً } يقول : وأصوب قراءة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يحيى بن داود الواسطي ، قال : ثنا أبو أُسامة ، عن الأعمش ، قال : قرأ أنس هذه الآية : { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئا وأصْوَبُ قِيلاً } ، فقال له بعض القوم : يا أبا حمزة إنما هي { أقْوَمُ قِيلاً } قال : أقوم وأصوب وأهيأ واحد . حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا عبد الحميد الحماني ، عن الأعمش قال : قرأ أنس { وأقْوَمُ قِيلاً } : « وأصوب قيلاً » قيل له : يا أبا حمزة إنما هي { وَأقْوَمُ } قال أنس : أصوب وأقوم وأهيأ واحد . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وأقْوَمُ قِيلاً } يقول : أدنى من أن تفقهوا القرآن . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وأقْوَمُ قِيلاً } : أحفظ للقراءة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأقْوَمُ قِيلاً } قال : أقوم قراءة لفراغه من الدنيا . قوله : { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن لك يا محمد في النهار فراغاً طويلاً تتسع به ، وتتقلَّب فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { سَبْحاً طَوِيلاً } فراغاً طويلاً ، يعني النوم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قوله : { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } قال : متاعاً طويلاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله { سَبْحاً طَوِيلاً } قال : فراغاً طويلاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } قال : لحوائجك ، فافرُغ لدينك الليل ، قالوا : وهذا حين كانت صلاة الليل فريضة ، ثم إن الله منّ على العباد فخفَّفها ووضعها ، وقرأ : { قُمِ اللَّيْلَ إلاَّ قَليلاً } … إلى آخر الآية ، ثم قال : { إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أنَّكَ تَقُومُ أدْنى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ } حتى بلغ قوله : { فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ } الليل نصفه أو ثلثه ، ثم جاء أمر أوسع وأفسح ، وضع الفريضة عنه وعن أمَّته ، فقال : وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَة لَكَ عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول في قوله : { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } فراغاً طويلاً . وكان يحيى بن يعمر يقرأ ذلك بالخاء . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد المؤمن ، عن غالب الليثي ، عن يحيى بن يعمر « من جذيلة قيس » أنه كان يقرأ : « سَبْخا طَوِيلاً » قال : وهو النوم . قال أبو جعفر : والتسبيخ : توسيع القطن والصوف وتنفيشه ، يقال للمرأة : سبِّخي قطنك : أي نفشيه ووسعيه ومنه قول الأخطل : @ فأرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كمَا يُذْرِي سَبائخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوْتارِ @@ وإنما عني بقوله : { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } : إن لك في النهار سعة لقضاء حوائجك وقومك . والسبح والسبخ قريبا المعنى في هذا الموضع .