Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 16-18)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { قَوَارِيرَ } في صفاء الصفاء من فضة الفضة من البياض ، كما : حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : قال الحسن ، في قوله : { كانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } قال : صفاء القوارير في بياض الفضة . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يحيى بن كثير ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قول الله : { قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } قال : بياض الفضة في صفاء القوارير . حدثني يعقوب ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، قال : أخبرنا ابن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : { كانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } قال : كان ترابها من فضة . وقوله : { قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } قال : صفاء الزجاج في بياض الفضة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سليمان ، قال : ثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله : { قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ } قال : لو احتاج أهل الباطل أن يعملوا إناء من فضة يرى ما فيه من خلفه ، كما يرى ما في القوارير ما قدروا عليه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } قال : هي من فضة ، وصفاؤها : صفاء القوارير في بياض الفضة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّة } قال : على صفاء القوارير ، وبياض الفضة . وقوله : { قَدَّرُوها تَقْدِيراً } يقول : قدّروا تلك الآنية التي يُطاف عليهم بها تقديراً على قَدْر رِيِّهم لا تزيد ولا تنقص عن ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { قدَّرُوها تَقْدِيراً } قال : قُدّرت لريّ القوم . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : { قَدَّرُوها تَقْدِيرَاً } قال : قدر رِيِّهم . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عمر بن عبيد ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً } قال : لا تنقص ولا تفيض . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { قَدَّرُوها تَقْدِيراً } قال : لا تتْرَع فتُهَراق ، ولا ينقصون من مائها فتنقص فهي ملأى . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { قَدَّرُوها تَقْدِيراً } لريِّهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قَدَّرُوها تَقْدِيراً } قدرت على ريّ القوم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْديراً } قال : قدّروها لريهم على قدر شربهم أهل الجنة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله { قَدَّرُوها تَقْديراً } قال : ممتلئة لا تُهَراق ، وليست بناقصة . وقال آخرون : بل معنى ذلك : قدّروها على قدر الكفّ . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، { قَدَّرُوها تَقْدِيراً } قال : قدرت للكفّ . واختلفت القرّاء في قراءة قوله { قَدَّرُوها تَقْدِيراً } ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار : { قَدَّرُوها } بفتح القاف ، بمعنى : قدّرها لهم السُّقاة الذين يطوفون بها عليهم . ورُوي عن الشعبيّ وغيره من المتقدمين أنهم قرأوا ذلك بضمّ القاف ، بمعنى : قُدّرت عليهم ، فلا زيادة فيها ولا نقصان . والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها فتح القاف ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه . وقوله : { وَيُسْقَوْنَ فِيها كأساً كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً } يقول تعالى ذكره : ويُسْقَى هؤلاء القوم الأبرار في الجنة كأساً ، وهي كلّ إناء كان فيه شراب ، فإذا كان فارغاً من الخمر لم يقل له كأس ، وإنما يقال له إناء ، كما يقال للطبق الذي تهدي فيه الهدية المِهْدَى مقصوراً ما دامت عليه الهدية فإذا فرغ مما عليه كان طبقاً أو خِوَاناً ، ولم يكن مِهْدًى { كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً } يقول : كان مزاج شراب الكأس التي يُسقون منها زنجبيلاً . واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : يمزج لهم شرابهم بالزنجبيل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً } قال : تُمْزَج بالزنجبيل . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً } قال : يأثُرُ لهم ما كانوا يشربون في الدنيا . زاد الحارث في حديثه : فَيُحَبِّبُهُ إليهم . وقال بعضهم : الزنجبيل : اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيُسْقَوْنَ فِيها كأساً كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } رقيقة يشربها المقرّبون صِرْفاً ، وتمزج لسائرٍ أهل الجنة . وقوله : { عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } يقول تعالى ذكره : عيناً في الجنة تسمى سلسبيلاً . قيل : عُنِي بقوله سلسبيلاً : سلسة مُنقاداً ماؤها . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } : عينا سلسة مستقيداً ماؤها . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } قال : سلسة يصرفونها حيث شاؤوا . وقال آخرون : عُني بذلك أنها شديدة الجِرْيَةِ . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } قال : حديدة الجِرْية . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . قال : ثنا أبو أُسامة ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : سلسة الجرية . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبيلاً } حديدة الجِرْية . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . واختلف أهل العربية في معنى السلسبيل وفي إعرابه ، فقال بعض نحويي البصرة ، قال بعضهم : إن سلسبيل صفة للعين بالتسلسل . وقال بعضهم : إنما أراد عيناً تسمى سلسبيلاً : أي تسمى من طيبها السلسبيل : أي توصف للناس ، كما تقول : الأعوجيّ والأرحبيّ والمهريّ من الإبل ، وكما تنسب الخيل إذا وصفت إلى الخيل المعروفة المنسوبة كذلك تنسب العين إلى أنها تسمى ، لأن القرآن نزل على كلام العرب ، قال : وأنشدني يونس : @ صَفْرَاءُ مِنْ نَبْعٍ يُسَمَّى سَهْمُها مِنْ طُولِ ما صَرَعَ الصَّيُودِ الصَّيِّبُ @@ فرفع الصَّيِّبُ لأنه لم يرد أن يسمى بالصَّيب ، إنما الصَّيب من صفة الاسم والسهم . وقوله : « يسمى سهمها » أي يذكر سهمها . قال : وقال بعضهم : لا ، بل هو اسم العين ، وهو معرفة ، ولكنه لما كان رأس آية ، وكان مفتوحاً ، زيدت فيه الألف ، كما قال : كانت قواريراً . وقال بعض نحويي الكوفة : السلسبيل : نعت أراد به سلس في الحلق ، فلذلك حَرِيّ أن تسمى بسلاستها . وقال آخر منهم : ذكروا أن السلسبيل اسم للعين ، وذكروا أنه صفة للماء لسلسه وعذوبته قال : ونرى أنه لو كان اسماً للعين لكان ترك الإجراء فيه أكثر ، ولم نر أحداً ترك إجراءها و هو جائز في العربية ، لأن العرب تُجري ما لا يجرى في الشعر ، كما قال متمم بن نويرة : @ فَمَا وَجْدُ أظْآرٍ ثَلاثٍ رَوَائمٍ رأيْنَ مخرًّا مِنْ حُوَارٍ ومَصْرَعا @@ فأجرى روائم ، وهي مما لا يُجرَى . والصواب من القول في ذلك عندي أن قوله : { تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } صفة للعين ، وصفت بالسلاسة في الحلق ، وفي حال الجري ، وانقيادها لأهل الجنة يصرّفونها حيث شاؤوا ، كما قال مجاهد وقتادة . وإنما عنى بقوله { تُسَمَّى } : توصف . وإنما قلت ذلك أولى بالصواب لإجماع أهل التأويل على أن قوله : { سَلْسَبِيلاً } صفة لا اسم .