Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 19-20)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : ويطوف على هؤلاء الأبرار ولدان ، وهم الوصفاء ، مخلَّدون . اختلف أهل التأويل في معنى : { مُخَلَّدُونَ } فقال بعضهم : معنى ذلك : أنهم لا يموتون . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيَطُوف عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ } أي لا يموتون . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله . وقال آخرون : عنى بذلك { وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ } : مُسَوّرون . وقال آخرون : بل عنى به أنهم مقرّطون . وقيل : عنى به أنهم دائم شبابهم ، لا يتغيرون عن تلك السنّ . وذكر عن العرب أنها تقول للرجل إذا كبر وثبت سواد شعره : إنه لمخلَّد وكذلك إذا كبر وثبتت أضراسه وأسنانه قيل : إنه لمخلد ، يراد به أنه ثابت الحال ، وهذا تصحيح لما قال قتادة من أن معناه : لا يموتون ، لأنهم إذا ثبتوا على حال واحدة فلم يتغيروا بهرم ولا شيب ولا موت ، فهم مخلَّدون . وقيل : إن معنى قوله : { مُخَلَّدُونَ } مُسَوّرون بلغة حِمْير وينشد لبعض شعرائهم : @ ومُخَلَّدَاتٌ باللُّجَيْنِ كأنَّمَا أعْجازُهُنَّ أقاوِزُ الْكُثْبانِ @@ وقوله : { إذَا رأيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً } يقول تعالى ذكره : إذا رأيت يا محمد هؤلاء الولدان مجتمعين أو مفترقين ، تحسبهم في حُسنهم ، ونقاء بياض وجوههم ، وكثرتهم ، لؤلؤاً مبدّداً ، أو مجتَمِعاً مصبوباً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { لُؤْلؤاً مَنْثُوراً } قال : من كثرتهم وحُسْنِهِمْ . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { إذَا رأيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ } من حسنهم وكثرتهم { لُؤلُؤاً مَنْثُوراً } وقال قتادة عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : ما من أهل الجنة من أحد إلا ويسعى عليه ألف غلام ، كلّ غلام على عملٍ ما عليه صاحبه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : { حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً } قال : في كثرة اللؤلؤ وبياض اللؤلؤ . وقوله : { إذَا رأيْتَ ثمَّ رأيْتَ نَعِيماً } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإذا نظرت ببصرك يا محمد ، ورميت بطرفك فيما أعطيتُ هؤلاء الأبرار في الجنة من الكرامة . وعُني بقوله : { ثَمّ } َ الجنة { رأيْتَ نَعِيماً } ، وذلك أن أدناهم منزلة من ينظر في مُلكه فيما قيل في مسيرة ألفي عام ، يُرى أقصاه ، كما يرى أدناه . وقد اختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله لم يذكر مفعول رأيت الأول ، فقال بعض نحويي البصرة : إنما فعل ذلك لأنه يريد رؤية لا تتعدى ، كما تقول : ظننت في الدار ، أخبر بمكان ظنه ، فأخبر بمكان رؤيته . وقال بعض نحويي الكوفة : إنما فعل ذلك لأن معناه : وإذا رأيت ما ثم رأيت نعيماً قال : وصلح إضمار ما كما قيل : لقد تقطع بينكم ، يريد : ما بينكم قال : ويقال : إذا رأيت ثم يريد : إذا نظرت ثم ، أي إذا رميت ببصرك هناك رأيت نعيماً . وقوله : { مُلْكاً كَبِيراً } يقول : ورأيت مع النعيم الذي ترى لهم ثَمَّ مُلْكاً كبيراً . وقيل : إن ذلك الملك الكبير : تسليم الملائكة عليهم ، واستئذانهم عليهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثني من سمع مجاهداً يقول : { وَإذَا رأيْتَ ثَمَّ رأيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } قال : تسليم الملائكة . قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : سمعت سفيان يقول في قوله : { مُلْكاً كَبِيراً } قال : بلغنا أنه تسليم الملائكة . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الأشجعيّ ، في قوله : { وَإذَا رأيْتَ ثَمَّ رأيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } قال : فسَّرها سفيان قال : تستأذن الملائكة عليهم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وَإذَا رأيْتَ ثَمَّ رأيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } قال استئذان الملائكة عليهم .