Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 12-14)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ } : وسقفنا فوقكم ، فجعل السقف بناء ، إذ كانت العرب تسمي سقوف البيوت ، وهي سماؤها بناءً ، وكانت السماء للأرض سقفاً ، فخاطبهم بلسانهم ، إذ كان التنزيل بلسانهم ، وقال : { سَبْعاً شِدَاداً } إذ كانت وثاقاً محكمة الخلق ، لا صدوع فيهنّ ولا فطور ، ولا يبليهن مرّ الليالي والأيام . وقوله : { وَجَعَلْنا سِرَاجاً وَهَّاجاً } يقول تعالى ذكره : وجعلنا سراجاً ، يعني بالسراج : الشمس . وقوله { وَهَّاجا } ً يعني : وقاداً مضيئاً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : { وَجَعَلْنا سِرَاجاً وَهَّاجاً } يقول : مضيئاً . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وهَّاجاً } يقول : سراجاً منيراً . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { سِرَاجاً وَهَّاجاً } قال : يتلألأ . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { سِرَاجاً وَهَّاجاً } قال : الوهاج : المنير . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { سِرَاجاً وَهَّاجاً } قال : يتلألأ ضوءه . وقوله : { وأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِرَاتِ } اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالمعصِرات ، فقال بعضهم : عُنِي بها الرياح التي تعصر في هبوبها . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِرَاتِ } فالمعصرات : الريح . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، أنه كان يقرأ : « وَأنْزَلْنا بالمُعْصِرَاتِ » يعني : الرياح . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى : عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { مِنَ المُعْصِرَاتِ } قال : الريح . وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : هي في بعض القراءات : « وَأنْزَلْنا بالمُعْصِرَاتِ » : الرياح . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِراتِ } قال : المعصرات : الرياح ، وقرأ قول الله : { الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً … } إلى آخر الآية . وقال آخرون : بل هي السحاب التي تتحلب بالمطر ولمَّا تمطر ، كالمرأة المعصر التي قد دنا أوان حيضها ولم تحض . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { مِنَ المُعْصِرَاتِ } قال : المعصرات : السحاب . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله { وأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِراتِ } يقول : من السحاب . قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { المُعْصِراتِ } : السحاب . وقال آخرون : بل هي السماء . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول : { وَأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِرَاتِ } قال : من السماء . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِرَاتِ } قال : من السموات . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : { وأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِراتِ } قال : من السماء . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر أنه أنزل من المعصِرات ، وهي التي قد تحلبت بالماء من السحاب ماء . وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن القول في ذلك على أحد الأقوال الثلاثة التي ذكرت ، والرياح لا ماء فيها ، فينزل منها ، وإنما ينزل بها ، وكان يصحّ أن تكون الرياح ، ولو كانت القراءة : « وَأنْزَلْنا بالمُعْصِرَاتِ » فلما كانت القراءة : { منَ المُعْصِرَاتِ } علم أن المعنيّ بذلك ما وصفت . فإن ظنّ ظانّ أن الباء قد تعقب في مثل هذا الموضع من قيل ذلك ، وإن كان كذلك ، فالأغلب من معنى « من » غير ذلك ، والتأويل على الأغلب من معنى الكلام . فإن قال : فإن السماء قد يجوز أن تكون مراداً بها . قيل : إن ذلك وإن كان كذلك ، فإن الأغلب من نزول الغيث من السحاب دون غيره . وأما قوله : { مَاءً ثَجَّاجاً } يقول : ماء منصباً يتبع بعضه بعضاً ، كثجّ دماء البدن ، وذلك سفكها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس { ماءً ثَجَّاجاً } قال : منصباً . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { ماءً ثَجَّاجاً } ماء من السماء منصباً . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ماءً ثَجَّاجاً } قال : منصباً . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { ماءً ثَجَّاجاً } قال : الثجاج : المنصب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع : { مَاءً ثَجَّاجاً } قال : منصباً . قال : ثنا مهران ، عن سفيان { ماءً ثَجَّاجاً } قال : متتابعاً . وقال بعضهم : عُنِي بالثجَّاج : الكثير . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب { ماءً ثَجَّاجاً } قال : كثيراً . ولا يُعرف في كلام العرب من صفة الكثرة الثجّ ، وإنما الثجّ : الصبّ المتتابع . ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " أفْضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَّجُّ " يعني بالثجّ : صبّ دماء الهدايا والبُدن بذبحها ، يقال منه : ثَجَجت دمه ، فأنا أُثجُّه ثجاً ، وقد ثَجَّ الدم ، فهو يثجّ ثجوجاً .