Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 15-20)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : لنخرج بالماء الذي ننزله من المعصِرات إلى الأرض حباً والحب كلّ ما تضمنه كمام الزرع التي تحصد ، وهي جمع حبة ، كما الشعير جمع شعيرة ، وكما التمر جمع تمرة . وأما النبات فهو الكلأ الذي يُرْعَى ، من الحشيش والزروع . وقوله : { وَجَنَّاتٍ ألْفافاً } يقول : ولنخرج بذلك الغيث جنات وهي البساتين وقال : وجنات ، والمعنى : وثمر جنات ، فترك ذكر الثمر استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره . وقوله : { ألْفافاً } يعني : ملتفة مجتمعة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وجَنَّاتٍ أَلْفافاً } قال : مجتمعة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَجَنَّاتٍ ألْفافاً } يقول : وجنات التفّ بعضها ببعض . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَجَنَّاتٍ ألْفافاً } قال : ملتفة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَجَنَّاتٍ ألْفافاً } قال : التفّ بعضها إلى بعض . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { وَجَنَّاتٍ ألْفافاً } قال : التفّ بعضها إلى بعض . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وَجَنَّاتٍ ألْفافاً } قال : ملتفة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَجَنَّاتٍ ألْفافاً } قال : هي الملتفة ، بعضها فوق بعض . واختلف أهل العربية في واحد الألفاف ، فكان بعض نحويِّي البصرة يقول : واحدها : لَفٌّ . وقال بعض نحويِّي الكوفة : واحدها : لَفّ ولفيف قال : وإن شئت كان الألفاف جمعاً ، واحده جمع أيضاً ، فتقول : جنة لفَّاء ، وجنات لَفّ ، ثم يجمع اللَّفّ ألفافاً . وقال آخر منهم : لم نسمع شجرة لفة ، ولكن واحدها لفاء ، وجمعها لفّ ، وجمع لفّ : ألفاف ، فهو جمع الجمع . والصواب من القول في ذلك أن الألفاف جمع لَفّ أو لفيف ، وذلك أن أهل التأويل مجمعون على أن معناه : ملتفة ، واللَّفاء : هي الغليظة ، وليس الالتفاف من الغلظ في شيء ، إلاَّ أن يوجه إلى أنه غلظ الالتفاف ، فيكون ذلك حينئذٍ وجهاً . وقوله : { إنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً } يقول تعالى ذكره : إن يوم يفصل الله فيه بين خلقه ، فيأخذ فيه من بعضهم لبعض ، كان ميقاتاً لما أنفذ الله لهؤلاء المكذّبين بالبعث ، ولضربائهم من الخلق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً } وهو يوم عظَّمه الله ، يفصِل الله فيه بين الأوّلين والآخرين بأعمالهم . وقوله : { يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ } تَرْجَم بيوم ينفخ ، عن يوم الفصل ، فكأنه قيل : يوم الفصل كان أجلاً لما وعدنا هؤلاء القوم ، يوم ينفخ في الصور . وقد بيَّنت معنى الصور فيما مضى قبل ، وذكرت اختلاف أهل التأويل فيه ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع ، وهو قَرْن يُنْفَخ فيه عندنا ، كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سليمان التيميّ ، عن أسلم ، عن بشر بن شغاف ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : « الصُّور : قَرْن « . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ } والصُّور : الخَلْق . وقوله : { فَتأْتُونَ أفْوَاجاً } يقول : فيجيئون زمراً زمراً ، وجماعة جماعة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { أفْوَاجاً } قال : زُمَراً زُمَراً . وإنما قيل : { فَتأْتُونَ أفْوَاجاً } لأن كلّ أمة أرسل الله إليها رسولاً تأتي مع الذي أرسل إليها ، كما قال : { يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُناسٍ بإمامِهِمْ } وقوله : { وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أبْوَاباً } يقول تعالى ذكره : وشققت السماء فصدّعت ، فكانت طُرُقاً ، وكانت من قبل شِداداً لا فُطُور فيها ولا صدوع . وقيل : معنى ذلك : وفُتحت السماء فكانت قِطعاً كقطع الخشب المشقَّقة لأبواب الدور والمساكن . قالوا : ومعنى الكلام : وفُتحت السماء فكانت قِطعاً كالأبواب ، فلما أسقطت الكاف صارت الأبواب الخبر ، كما يقال في الكلام : كان عبد الله أسداً ، يعني : كالأسد . وقوله : { وَسُيِّرَتِ الجِبالُ فَكانَتْ سَرَاباً } يقول : ونُسفت الجبال فاجْتُثت من أصولها ، فصيرت هباء منبثاً ، لعين الناظر ، كالسراب الذي يظنّ من يراه من بُعد ماء ، وهو في الحقيقة هبَاء .