Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 6-11)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره معدِّداً على هؤلاء المشركين نِعَمه وأياديه عندهم ، وإحسانه إليهم ، وكفرانهم ما أنعم به عليهم ، ومتوعدهم بما أعدّ لهم عند ورودهم عليه ، من صنوف عقابه ، وأليم عذابه ، فقال لهم : { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ } لكم { مِهاداً } تمتهدونها وتفترشونها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة { ألَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهاداً } : أي بساطاً { والجِبالَ أوْتاداً } يقول : والجبال للأرض أوتاداً أن تميد بكم { وَخَلَقْناكُمْ أزْوَاجاً } ذُكراناً وإناثاً ، وطوالاً وقصاراً ، أو ذوي دَمامة وجمال ، مثل قوله : { الَّذِينَ ظَلَموا وَأزْوَاجَهُمْ } يعني به : صيرناهم . { وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً } يقول : وجعلنا نومكم لكم راحة ودَعة ، تهدؤن به وتسكنون ، كأنكم أموات لا تشعرون ، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح والسبت والسبات : هو السكون ، ولذلك سمي السبت سبتاً ، لأنه يوم راحة ودعة . { وَجَعَلْنا اللَّيْلَ لِباساً } يقول تعالى ذكره : وجعلنا الليل لكم غِشاء يتغشاكم سواده ، وتغطيكم ظلمته ، كما يغطي الثوبُ لابسَه ، لتسكنوا فيه عن التصرّف لما كنتم تتصرّفون له نهاراً ومنه قول الشاعر : @ فلمَّا لَبِسْن اللَّيْلَ أوْ حِينَ نَصَّبَتْ له مِنْ خَذا آذانِها وَهْوَ دَالِجُ @@ يعني بقوله « لبسن الليل » : أدخلن في سواده فاستترن به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن قتادة { وَجَعَلْنا اللَّيْلَ لِباساً } قال : سكناً . وقوله : { وَجَعَلْنا النَّهارَ مَعاشاً } يقول : وجعلنا النهار لكم ضياء لتنتشروا فيه لمعاشكم ، وتتصرّفوا فيه لمصالح دنياكم ، وابتغاء فضل الله فيه ، وجعل جلّ ثناؤه النهار إذ كان سبباً لتصرّف عباده لطلب المعاش فيه معاشاً ، كما في قول الشاعر : @ وأخُو الهُموم إذا الهُمُوم تَحَضَّرَتْ جُنْحَ الظَّلامِ وِسادُهُ لا يَرْقُدُ @@ فجعل الوساد هو الذي لا يرقد ، والمعنى لصاحب الوساد . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { النَّهارَ مَعاشاً } قال : يبتغون فيه من فضل الله .