Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 21-25)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني تعالى ذكره بقوله : إن جهنم كانت ذات رَصْد لأهلها ، الذين كانوا يكذّبون في الدنيا بها ، وبالمعاد إلى الله في الآخرة ، ولغيرهم من المصدّقين بها . ومعنى الكلام : إن جهنم كانت ذات ارتقاب ، ترقب من يجتازها وترصُدهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، عن عبد الله بن بكر بن عبد الله المازنيّ ، قال : كان الحسن إذا تلا هذه الآية : { إنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مرْصَاداً } قال : ألا إنّ على الباب الرَّصَد ، فمن جاء بجواز جاز ، ومن لم يجىء بجواز احتبس . حدثني يعقوب ، قال : ثنا إسماعيل بن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله { إنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصَاداً } قال : لا يدخل الجنة أحد حتى يجتاز النار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصَاداً } يُعْلِمُنا أنه لا سبيل إلى الجنة حتى يَقطَع النار . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { إنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصَاداً } قال : عليها ثلاث قناطر . وقوله : { للطَّاغِينَ مآباً } يقول تعالى ذكره : إن جهنم للذين طَغَوا في الدنيا ، فتجاوزوا حدود الله ، استكباراً على ربهم ، كانت منزلاً ومرجعاً يرجعون إليه ، ومصيراً يصيرون إليه يسكنونه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { للطَّاغِينَ مآباً } : أي منزلاً ومأوًى . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران عن سفيان { مآباً } يقول : مرجعاً ومنزلاً . وقوله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } يقول تعالى ذكره : إن هؤلاء الطاغين في الدنيا لابثون في جهنم ، فماكثون فيها أحقاباً . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { لابِثِينَ } ، فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة : { لابِثِينَ } بالألف . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : « لَبِثِينَ » بغير ألف وأفصح القراءتين وأصحهما مخرجاً في العربية ، قراءة من قرأ ذلك بالألف وذلك أن العرب لا تكاد توقع الصفة إذا جاءت على فَعيل ، فتعملها في شيء ، وتنصبه بها ، لا يكادون أن يقولوا : هذا رجل بَخِل بماله ، ولا عَسِر علينا ، ولا هو خَصِم لنا ، لأن فَعِل لا يأتي صفة إلاَّ مدحاً أو ذماً ، فلا يعمل المدح والذمّ في غيره ، وإذا أرادوا إعمال ذلك في الاسم أو غيره جعلوه فاعلاً ، فقالوا : هو باخل بماله ، وهو طامع فيما عندنا ، فلذلك قلت : إن { لابِثِينَ } أصحّ مخرجاً في العربية وأفصح ، ولم أُحِلّ قراءة من قرأ : « لَبِثِينَ » وإن كان غيرُها أفصح ، لأن العرب ربما أعملت المدح في الأسماء ، وقد يُنشد بيت لبيد : @ أوْ مِسْحَلٌ عَمِلٌ عِضَادَةَ سَمْحَجٍ بِسَرَاتِها نَدَبٌ لَهُ وكُلُومُ @@ فأعمل « عَمِلٌ » في عِضادة ، ولو كانت عاملاً كانت أفصح ، ويُنشد أيضاً : @ وبالفأسِ ضَرَّابٌ رُؤُوسَ الكَرَانِفِ @@ ومنه قول عباس بن مِرداس : @ أكَرَّ وأحْمَى لِلْحَقِيقَةِ مِنْهُمُ وأضْرَبَ مِنَّا بالسُّيُوفِ الْقَوَانِسا @@ وأما الأحقاب فجمع حُقْب ، والحِقَب : جمع حِقْبة ، كما قال الشاعر : @ عِشْنا كَنَدْمانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً مِنَ الدَّهْرِ حتى قيلَ لَنْ نَتَصَدَّعا @@ فهذه جمعها حِقَب ، ومن الأحقاب التي جمعها حُقُب قول الله : { أوْ أمْضِيَ حُقُباً } فهذا واحد الأحقاب . وقد اختلف أهل التأويل في مبلغ مدة الحُقُب ، فقال بعضهم : مدة ثلاثمائة سنة . ذكر من قال ذلك : حدثنا عمران بن موسى القزاز ، قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : ثنا إسحاق بن سُويد ، عن بشير بن كعب ، في قوله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } قال : بلغني أن الحُقُب ثلاثمائة سنة ، كلّ سنة ثلاثمائة وستون يوماً ، كل يوم ألف سنة . وقال آخرون : بل مدة الحُقْب الواحد : ثمانون سنة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : ثني عمار الدُّهْنيّ ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لهلال الهجَرِيّ : ما تجدون الحُقُب في كتاب الله المنزل ؟ قال : نجده ثمانين سنة كل سنة اثنا عشر شهراً ، كل شهر ثلاثون يوماً ، كل يوم ألف سنة . حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن شريك ، عن عاصم بن أبي النَّجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : أنه قال : الحُقُب : ثمانون سنة ، والسنة : ستون وثلاثمائة يوم ، واليوم : ألف سنة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن ابن عباس ، قال : الحُقْب : ثمانون سنة . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، قال : ثنا الأعمش ، عن سعيد ، بن جُبير ، في قوله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } قال : الحقب : ثمانون سنة ، السنة : ثلاثمائة وستون يوماً ، اليوم : سنة أو ألف سنة « الطبري يشكّ » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } وهو ما لا انقطاع له ، كلما مضى حُقُبٌ جاء حُقُب بعده . وذُكر لنا أن الحُقُبَ ثمانون سنة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { أحْقاباً } قال : بلغنا أن الحُقب ثمانون سنة من سِني الآخرة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } لا يعلم عدّة هذه الأحقاب إلاَّ الله ، ولكن الحُقُبَ الواحد : ثمانون سنة ، والسنة : ثلاثمائة وستون يوماً ، كلّ يوم من ذلك ألف سنة . وقال آخرون : الحُقُب الواحد : سبعون ألف سنة . ذكر من قال ذلك : حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : ثني عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير ، عن سالم ، قال : سمعت الحسن يُسْألُ عن قول الله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } قال : أما الأحقاب فليس لها عدّة إلاَّ الخلود في النار ولكن ذكروا أن الحُقُب الواحد سبعون ألف سنة ، كلّ يوم من تلك الأيام السبعين ألفاً ، كألف سنة مما تَعُدّون . حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلِيّ ، قال : ثنا أبو أُسامة ، عن هشام ، عن الحسن ، في قوله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } قال : أما الأحقاب ، فلا يَدرِي أحد ما هي ، وأما الحُقُب الواحد : فسبعون ألف سنة ، كلّ يوم كألف سنة . ورُوي عن خالد بن معدان في هذه الآية ، أنها في أهل القِبلة . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عامر بن جشب ، عن خالد بن معدان في قوله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } ، وقوله : { إلا ما شاءَ رَبُّكَ } إنهما في أهل التوحيد من أهل القبلة . فإن قال قائل : فما أنت قائل في هذا الحديث ؟ قيل : الذي قاله قتادة عن الربيع بن أنس في ذلك أصحّ . فإن قال : فما للكفار عند الله عذابٌ إلاَّ أحقاباً قيل : إن الربيع وقتادة قد قالا : إن هذه الأحقاب لا انقضاء لها ولا انقطاع . وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك : لابثين فيها أحقاباً ، في هذا النوع من العذاب ، هو أنهم : { لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَرَاباً إلاَّ حَمِيماً وغَسَّاقاً } فإذا انقضت تلك الأحقاب ، صار لهم من العذاب أنواع غير ذلك ، كما قال جلّ ثناؤه في كتابه : { وَإنَّ للطَّاغِينَ لَشَرَّ مآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ المِهادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَميمٌ وغَسَّاقٌ وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ } وهذا القول عندي أشبه بمعنى الآية . وقد رُوي عن مقاتل بن حيان في ذلك ما : حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقيّ ، قال : ثنا عمرو بن أبي سَلَمة ، قال : سألت أبا معاذ الخراسانيّ ، عن قول الله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } فأخبرنا عن مقاتل بن حيَان ، قال : منسوخة ، نسختها : { فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إلاَّ عَذَاباً } ولا معنى لهذا القول ، لأن قوله : { لابِثِينَ فِيها أحْقاباً } خبر ، والأخبار لا يكون فيها نسخ ، وإنما النسخ يكون في الأمر والنهي . وقوله : { لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَرَاباً } يقول : لا يَطْعَمون فيها برداً يُبَرّد حرّ السعير عنهم ، إلاَّ الغساق ، ولا شراباً يَرْوِيهم من شدّة العطش الذي بهم ، إلاَّ الحميم . وقد زعم بعض أهل العلم بكلام العرب أن البرد في هذا الموضع النوم ، وأن معنى الكلام : لا يذوقون فيها نوماً ولا شراباً ، واستشهد لقيله ذلك بقول الكنديّ : @ بَرَدَتْ مَرَاشِفُها عَليَّ فَصَدَّني عَنْها وَعَنْ قُبُلاتِها البَرْدُ @@ يعني بالبرد : النُّعاس والنوم إن كان يُبرد غليلَ العَطَش ، فقيل له من أجل ذلك البرد ، فليس هو باسمه المعروف ، وتأويل كتاب الله على الأغلب من معروف كلام العرب ، دون غيره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَرَاباً إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } فاستثنى من الشراب الحميم ، ومن البَرْد : الغَسّاق . وقوله : { إلاَّ حَمِيماً وغَسَّاقاً } يقول تعالى ذكره : لا يذوقون فيها برداً ولا شرابا إلاَّ حميماً قد أغلي حتى انتهى حرّه ، فهو كالمُهْل يَشْوِي الوجوه ، ولا برد إلاَّ غَسَّاقاً . واختلف أهل التأويل في معنى الغَسَّاق ، فقال بعضهم : هو ما سال من صديد أهل جهنم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ومحمد بن المثنى ، قالا : ثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية بن سعد ، في قوله : { حَمِيماً وَغَسَّاقاً } قال : هو الذي يَسيل من جلودهم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : ثنا أبو عمرو ، قال : زعم عكرِمة أنه حدثهم في قوله : { وَغَسَّاقاً } قال : ما يخرج من أبصارهم من القيح والدم . حدثنا ابن بشار وابن المثنى ، قالا : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن منصور عن إبراهيم وأبي رَزِين { إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } قالا : غُسالة أهل النار لفظ ابن بشار وأما ابن المثنى فقال في حديثه : ما يسيل من صديدهم . وحدثنا ابن بشار مرّة أخرى عن عبد الرحمن ، فقال كما قال ابن المثنى . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رَزين { وَغَسَّاقاً } قال : ما يَسِيل من صديدهم . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور وأبي رَزِين ، عن إبراهيم مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { غَسَّاقاً } كنا نحدِّث أن الغَسّاق : ما يسيل من بين جلده ولحمه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا الضحاك بن مخلد ، عن سفيان ، أنه قال : بلغني أنه ما يسيل من دموعهم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم { وَغَسَّاقاً } قال : ما يسيل من صديدهم من البرد ، قال سفيان وقال غيره : الدموع . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إلاَّ حَمِيماً وغَسَّاقاً } قال : الحميم : دموع أعينهم في النار ، يجتمع في خنادق النار فيُسْقَونه ، والغساق : الصديد الذي يخرج من جلودهم ، مما تصهرهم النار في حياض يجتمع فيها فيسقونه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم { إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } قال : الغساق : ما يقطر من جلودهم ، وما يسيل من نتنهم . وقال آخرون : الغساق : الزمهرير . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } يقول : الزمهرير . حدثنا أبو كريب وأبو السائب وابن المثنى ، قالوا : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت ليثاً ، عن مجاهد ، في قوله : { إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } قال : الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده . قال : ثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } قال : الذي لا يستطيعونه من برده . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : الغساق : الذي لا يستطاع من برده . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع قال : الغساق : الزمهرير . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : الغساق : الزمهرير . وقال آخرون : هو المُنْتِن ، وهو بالطَّخارية . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن المسيب بن شريك ، عن صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بُرَيدة ، قال : الغساق : بالطَّخارية : هو المنتن . والغساق عندي : هو الفعال ، من قولهم : غَسَقت عين فلان : إذا سالت دموعها ، وغَسَق الجرح : إذا سال صديده ، ومنه قول الله : { وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إذَا وَقَبَ } يعني بالغاسق : الليل إذا لَبِس الأشياء وغطاها وإنما أريد بذلك هجومه على الأشياء ، هجوم السيل السائل فإذا كان الغسَّاق هو ما وصفت من الشيء السائل ، فالواجب أن يقال : الذي وعد الله هؤلاء القوم ، وأخبر أنهم يذوقونه في الآخرة من الشراب ، هو السائل من الزمهرير في جهنم ، الجامع مع شدّة برده النتن ، كما : حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يعمر ابن بشر ، قال : ثنا ابن المبارك ، قال : ثنا رشدين بن سعد ، قال : ثنا عمرو بن الحرث ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : " لَوْ أن دَلْواً مِنْ غَسَّاقٍ يُهْرَاقُ إلى الدُّنْيا ، لأَنْتَنَ أهْلَ الدُّنْيا " حُدثت عن محمد بن حرب ، قال : ثنا ابن لَهِيعة ، عن أبي قبيل ، عن أبي مالك ، عن عبد الله بن عمرو ، أنه قال : « أتدرون أيّ شيء الغسَّاق ؟ قالوا : الله أعلم ، قال : « هو القيح الغليظ ، لو أن قطرة منه تهراق بالمغرب ، لأنتن أهل المشرق ، ولو تهراق بالمشرق ، لأنتن أهل المغرب » . فإن قال قائل : فإنك قد قلت : إن الغَسَّاق : هو الزمهرير ، والزمهرير : هو غاية البرد ، فكيف يكون الزمهرير سائلاً ؟ قيل : إن البرد الذي لا يُستطاع ولا يُطاق ، يكون في صفة السائل من أجساد القوم من القيح والصديد .