Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 26-30)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : هذا العقاب الذي عُوقِب به هؤلاء الكفار في الآخرة ، فعلَه بهم ربهم جزاء ، يعني : ثواباً لهم على أفعالهم وأقوالهم الرديئة التي كانوا يعملونها في الدنيا ، وهو مصدر من قول القائل : وافق هذا العقاب هذا العلم وِفاقاً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { جَزَاءً وِفاقاً } يقول : وافق أعمالهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { جَزَاءً وِفاقاً } وافق الجزاء أعمال القوم أعمال السوء . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { جَزَاءً وِفاقاً } قال : بحسب أعمالهم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، في قوله : { جَزَاءً وِفاقاً } قال : ثواب وافَق أعمالهم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { جَزَاءً وِفاقاً } قال : عملوا شرّاً ، فجزوا شرًّا ، وعملوا حسناً ، فجزوا حسناً ، ثم قرأ قول الله : { ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أساءُوا السُّوأى } حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { جَزَاءً وِفاقاً } قال : جزاء وافق أعمال القوم . حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { جَزَاءً وِفاقاً } قال : وافق الجزاء العمل . وقوله : { إنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً } يقول تعالى ذكره : إن هؤلاء الكفار كانوا في الدنيا لا يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة على نعمه عليهم ، وإحسانه إليهم ، وسوء شكرهم له على ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { لا يَرْجُونَ حِساباً } قال : لا يبالون فيصدّقون بالغيب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً } أي لا يخافون حساباً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً } قال : لا يؤمنون بالبعث ولا بالحساب ، وكيف يرجو الحساب من لا يُوقن أنه يحيا ، ولا يوقن بالبعث وقرأ قول الله : { بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الأوَّلُونَ قالُوا أئِذَا مِتْنا وكُنَّا تُرَاباً … } إلى قوله { أساطِيرُ الأوَّلِينَ } ، وقرأ : { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّق … } إلى قوله { جَدِيدٍ } فقال بعضهم لبعض : ماله { أفْترَى عَلى اللّهِ كَذِباً أمْ بِه جِنَّةٌ } الرجل مجنون حين يخبرنا بهذا . وقوله : { وكَذَّبُوا بآياتِنا كِذَّاباً } يقول تعالى ذكره : وكذّب هؤلاء الكفار بحُجَجِنا وأدلتنا تكذيباً . وقيل : { كِذَّاباً } ، ولم يقل تكذيباً ، تصديراً على فعله . وكان بعض نحويِّي البصرة يقول : قيل ذلك لأن فعل منه على أربعة ، فأراد أن يجعله مثل باب أفعلت ، ومصدر أفعلت إفعالاً ، فقال : كذّاباً ، فجعله على عدد مصدره ، قال : وعلى هذا القياس تقول : قاتل قتالاً ، قال : وهو من كلام العرب . وقال بعض نحويِّي الكوفة : هذه لغة يمانية فصيحة ، يقولون : كذّبت به كذّاباً ، وخَرَّقت القميص خِرَّاقاً ، وكلٌّ فَعَّلْت ، فمصدرها فِعَّال بلغتهم مشدّدة . قال : وقال لي أعرابي مرّة على المروة يستفتيني : ألحلق أحبّ إليك أمِ القِصَّار ؟ قال : وأنشدني بعض بني كلاب : @ لَقَدْ طالَ ما ثَبَّطَتْنِي عَنْ صَحَابَتِي وَعَنْ حِوَجٍ قِضَّاؤُها مِنْ شَفائِيَا @@ وأجمعت القرّاء على تشديد الذال من الكِذّاب في هذا الموضع . وكان الكسائي خاصة يخفِّف الثانية ، وذلك في قوله : { لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً } ويقول : وهو من قولهم : كاذبته كِذّاباً ومكاذبة ، ويشدّد هذه ، ويقول قوله كَذّبوا يقيد الكِذّاب بالمصدر . وقوله : { وكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْناه كِتاباً } يقول تعالى ذكره : وكلّ شيء أحصيناه فكتبناه كتاباً ، كتبنا عدده ومبلغه وقدره ، فلا يغرُب عنا علم شيء منه ونصب كتاباً ، لأن في قوله : { أحْصَيْناهُ } مصدر أثبتناه وكتبناه ، كأنه قيل : وكلّ شيء كتبناه كتاباً . وقوله : { فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إلاَّ عَذَاباً } يقول جلّ ثناؤه : يقال هؤلاء الكفار في جهنم إذا شربوا الحميم والغَسَّاق : ذوقوا أيها القوم من عذاب الله الذي كنتم به في الدنيا تكذّبون ، فلن نزيدكم إلاَّ عذاباً على العذاب الذي أنتم فيه لا تخفيفاً منه ، ولا ترفُّهاً . وقد : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي أيوب الأزديّ ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : لم تنزل على أهل النار آية أشدّ من هذه : { فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إلاَّ عَذَاباً } قال : فهم في مزيد من العذاب أبداً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَذُوقُوا فلَنْ نَزِيدَكُمْ إلاَّ عَذَاباً } : ذُكر لنا أن عبد الله بن عمرو كان يقول : ما نزلت على أهل النار آية أشدّ منها { فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُم إلاَّ عَذاباً } فهم في مزيد من الله أبداً .