Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 15-18)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هل أتاك يا محمد حديث موسى بن عمران ، وهل سمعت خبره حين ناجاه ربه بالواد المقدّس ، يعني بالمقدّس : المطهَّر المبارك . وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في ذلك فيما مضى ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع ، وكذلك بيَّنا معنى قوله : { طُوًى } وما قال فيه أهل التأويل ، غير أنا نذكر بعض ذلك ها هنا . وقد اختلف أهل التأويل في قوله : { طُوًى } فقال بعضهم : هو اسم الوادي . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { طُوًى } اسم الوادي . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّكَ بالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى } قال : اسم المقدّس طُوًى . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { إذْ نادَاهُ رَبَّهُ بالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى } كنا نحدّث أنه قدّس مرّتين ، واسم الوادي طُوًى . وقال آخرون : بل معنى ذلك : طَأِ الأرض حافياً . ذكر بعض من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد { إنَّكَ بالْوَاد المُقَدَّسِ طُوًى } قال : طَأِ الأرض بقدمك . وقال آخرون : بل معنى ذلك أن الوادي قُدِّس طُوًى : أي مرّتين ، وقد بيَّنا ذلك كله ووجوهه ، فيما مضى بما أغني عن إعادته في هذا الموضع . وقرأ ذلك الحسن بكسر الطاء ، وقال : بُثَّتْ فيه البركة والتقديس مرّتين . حدثنا بذلك أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا هشيم ، عن عوف ، عن الحسن . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة « طُوَى » بالضمّ ولم يُجْرُوه وقرأ ذلك بعض أهل الشام والكوفة : { طُوًى } بضمّ الطاء والتنوين . وقوله : { اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى } يقول تعالى ذكره : نادى موسى ربُّه : أنِ اذهب إلى فرعون ، فحذفت « أن » ، إذ كان النداء قولاً ، فكأنه قيل لموسى قال ربه : اذهب إلى فرعون . وقوله : { إنَّهُ طَغَى } يقول : عتا وتجاوز حدّه في العدوان ، والتكبر على ربه . وقوله : { فَقُلْ هَلْ لَكَ إلى أنْ تَزَكَّى } يقول : فقل له : هل لك إلى أن تتطهَّر من دنس الكفر ، وتؤمَنَ بربك ؟ كما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { هَلْ لَكَ إلى أنْ تَزَكَّى } قال : إلى أن تسلم . قال : والتزكّي في القرآن كله : الإسلام وقرأ قول الله { وَذَلَكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى } قال : من أسلم ، وقرأ : { وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } قال : يسلم ، وقرأ : { وَما عَلَيْكَ ألاَّ يَزَّكَّى } أن لا يسلم . حدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحَكَم ، قال : ثنا حفص بن عُمَرَ العَدَنِيّ ، عن الحكيم بن أبان ، عن عكرِمة ، قول موسى لفرعون : { هَلْ لَكَ إلى أنْ تَزَّكَّى } هل لك إلى أن تقول لا إله إلا الله . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { تَزَكَّى } فقرأته عامة قرّاء المدينة : « تزَّكَّى » بتشديد الزاي ، وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة : { إلى أنْ تَزَكَّى } بتخفيف الزاي . وكان أبو عمرو يقول ، فيما ذُكر عنه : « تَزَّكَّى » بتشديد الزاي ، بمعنى : تتصدّق بالزكاة ، فتقول : تتزكى ، ثم تدغم وموسى لم يدع فرعون إلى أن يتصدّق وهو كافر ، إنما دعاه إلى الإسلام ، فقال : تزكى : أي تكون زاكياً مؤمناً ، والتخفيف في الزاي هو أفصح القراءتين في العربية .