Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 81, Ayat: 5-10)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في معنى قوله : { وَإذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } فقال بعضهم : معنى ذلك : ماتت . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ بن مسلم الطوسي ، قال : ثنا عباد بن العوّام ، قال : أخبرنا حصين ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قول الله : { وَإذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } قال : حَشْرُ البهائم : موتها ، وحشر كل شيء : الموت ، غير الجنّ والإنس ، فإنهما يوقفان يوم القيامة . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن ربيع بن خيثم { وَإذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } قال : أتى عليها أمر الله ، قال سفيان ، قال أبي ، فذكرته لعكرِمة ، فقال : قال ابن عباس : حَشْرُها : موتها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن الربيع بن خيثم ، بنحوه . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وإذا الوُحوش اختلطت . ذكر من قال ذلك : حدثنا الحسين بن حريث ، قال : ثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ، قال : ثني أُبيّ بن كعب { وَإذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } قال : اختلطت . وقال آخرون : بل معنى ذلك : جُمعت . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَإذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } هذه الخلائق موافية يوم القيامة ، فيقضي الله فيها ما يشاء . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى حشرت : جمعت ، فأميتت لأن المعروف في كلام العرب من معنى الحشر : الجمع ومنه قول الله { والطَّيْرَ مَحْشُورَةً } يعني : مجموعة . وقوله : { فَحَشَرَ فَنادَى } وإنما يحمل تأويل القرآن على الأغلب الظاهر من تأويله ، لا على الأنكر المجهول . وقوله : { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وإذا البحار اشتعلت ناراً وحَمِيت . ذكر من قال ذلك : حدثنا الحسين بن حريث ، قال : ثنا الفضل بن موسى ، قال : ثنا الحسين بن واقد ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، قال : ثني أُبيّ بن كعب { وَإذَا الّبِحارُ سُجِّرَتْ } قال : قالت الجنّ للإنس : نحن نأتيكم بالخبر ، فانطلقوا إلى البحار ، فإذا هي تأجَّج ناراً . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن داود ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عليّ رضي الله عنه لرجل من اليهود : أين جهنم ؟ فقال : البحر ، فقال : ما أراه إلا صادقاً { والْبَحْرِ المَسَجْورِ } « وَإذَا الْبِحارُ سُجِرَتْ » مخففة . حدثني حوثرة بن محمد المنِقريّ ، قال : ثنا أبو أسامة ، قال : ثنا مجالد ، قال : أخبرني شيخ من بجيلة عن ابن عباس ، في قوله : { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال : كوّر الله الشمس والقمر والنجوم في البحر ، فيبعث عليها ريحاً دبوراً ، فتنفخه حتى يصير ناراً ، فذلك قوله : { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَإذَا الْبِحارُ سُجرَتْ } قال : إنها توقد يوم القيامة ، زعموا ذلك التسجير في كلام العرب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية ، في قوله : { والْبَحْر المَسْجُور } قال : بمنزلة التنور المسجور { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } مثله . قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } قال : أُوقدت . وقال آخرون : معنى ذلك : فاضت . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن ربيع بن خيثم { وَإذَا الْبحارُ سُجِّرَتْ } قال : فاضت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن ربيع ، مثله . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الكلبي ، في قوله : { وَإذَا الّبِحارُ سُجِّرَتْ } قال : مُلئت ، ألا ترى أنه قال : { وَالبَحْرِ المَسْجُورِ } حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } يقول : فُجِّرت . وقال آخرون : بل عني بذلك أنه ذهب ماؤها . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وإذا الْبِحارَ سُجِّرَتْ } قال : ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } قال : غار ماؤها فذهب . حدثني الحسين بن محمد الذارع ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الحسين ، في هذا الحرف { وَإذَا الْبحارُ سُجِّرَتْ } قال : يبست . حدثنا الحسين بن محمد ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا أبو رجاء ، عن الحسن ، بمثله . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } قال : يبَست . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : معنى ذلك : مُلئت حتى فاضت ، فانفجرت وسالت كما وصفها الله به في الموضع الآخر ، فقال : وإذا البحار فجِّرت والعرب تقول للنهر أو للرَّكيّ المملوء : ماء مسجور ومنه قول لبيد : @ فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِى وَصَدَّعا مَسْجُورَةً مُتَجاوِرا قُلاَّمُها @@ ويعني بالمسجورة : المملوءة ماء . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة : { سُجِّرَتْ } : بتشديد الجيم . وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة : بتخفيف الجيم . والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : ألحق كلّ إنسان بشكله ، وقرن بين الضُّرَباء والأمثال . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن سماك ، عن النعمان بن بشير ، عن عمر رضي الله عنه { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : هما الرجلان يعملان العمل الواحد يدخلان به الجنة ، ويدخلان به النار . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن النعمان بن بشير ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : هما الرجلان يعملان العمل ، فيدخلان به الجنة ، وقال : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } ، قال : ضرباءهم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن النعمان بن بشير ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه { وَإذَا النُّفْوسُ زُوِّجَتْ } قال : هما الرجلان يعملان العمل ، يدخلان به الجنة أو النار . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك بن حرب أنه سمع النعمان بن بشير يقول : سمعت عمر بن الخطاب وهو يخطب ، قال : { وكُنْتُمْ أزْوَاجاً ثَلاثَةً فأصحَابُ المَيْمَنَةِ ما أصحَابُ المَيْمَنَةِ وأصحَابُ المَشأَمَة ما أصحَابُ المَشأَمَةِ والسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ } ثم قال : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : أزواج في الجنة ، وأزواج في النار . حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن النعمان بن بشير ، قال : سُئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عن قول الله : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : يُقْرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة ، وبين الرجل السَّوء مع الرجل السَّوء في النار . حدثني محمد بن خلف ، قال : ثنا محمد بن الصباح الدَّولابيّ ، عن الوليد ، عن سماك ، عن النعمان بن بشير ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم والنعمان عن عمر قال : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : الضُّرَباء كلّ رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله ، وذلك أن الله يقول : { وكُنْتُمْ أزْوَاجاً ثَلاثَةً فأصحَابُ المَيْمَنَةِ ما أصحَابُ المَيْمَنَةِ وأصحَابُ المَشأَمَةِ ما أصحَابُ المَشأَمَةِ والسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } قال : هم الضُّرَباء . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : ذلك حين يكون الناس أزواجاً ثلاثة . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : ألحق كلّ أمرىء بشيعته . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَإذَا النُّفُوسُ زوِّجَتْ } قال : الأمثالُ من الناسُ جُمع بَينهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : لحق كلّ إنسان بشيعته ، اليهود باليهود ، والنصارى بالنصارى . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن الربيع بن خيثم { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : يحشر المرء مع صاحب عمله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن الربيع ، قال : يجيء المرء مع صاحب عمله . وقال آخرون : بل عُنِي بذلك أن الأرواح ردّت إلى الأجساد فزوّجت بها : أي جعلت لها زوجاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن أبي عمرو ، عن عكرِمة { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : الأرواح تَرجع إلى الأجساد . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن الشعبيّ أنه قال في هذه الآية : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : زوّجت الأجساد فرُدّت الأرواح في الأجساد . حدثني عبيد بن أسباط بن محمد ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن عكرِمة { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : ردّت الأرواح في الأجساد . حدثني الحسن بن زريق الطهوي ، قال : ثنا أسباط ، عن أبيه ، عن عكرِمة ، مثله . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا داود ، عن الشعبيّ ، في قوله : { وَإذَ النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : زوّجت الأرواح الأجساد . وأولى التأويلين في ذلك بالصحة ، الذي تأوّله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعلة التي اعتلّ بها ، وذلك قول الله تعالى ذكره : { وكنْتُمْ أزْوَاجاً ثَلاثَةً } ، وقوله : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلمُوا وأزْوَاجَهُمْ } وذلك لا شكّ الأمثال والأشكال ، في الخير والشرّ ، وكذلك قوله : { وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } بالقُرَناء والأمثال في الخير والشرّ . وحدثني مطر بن محمد الضبي ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهديّ ، قال : ثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله : { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال : سيأتي أوّلها والناس ينظرون ، وسيأتي آخرها إذا النفوس زوّجت . وقوله : { وَإذَا المَوْءُودةُ سُئِلَتْ بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } ؟ : اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه أبو الضُّحى مسلم بن صبيح : « وَإذَا المَوْءُودَةُ سأَلَتْ بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ » ؟ بمعنى : سألت الموءودة الوائدين : بأيّ ذنب قتلوها . ذكر الرواية بذلك : حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، في قوله : { وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } ؟ قال : طلبت بدمائها . حدثنا سوّار بن عبد الله العنبري ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن الأعمش ، قال : قال أبو الضحى : « وَإذَا المَوْءُودَةُ سأَلَتْ » ؟ قال : سألت قتلتها . ولو قرأ قارىء ممن قرأ « سأَلَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ » كان له وجه ، وكان يكون معنى ذلك معنى من قرأ { بِأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } غير أنه إذا كان حكاية جاز فيه الوجهان ، كما يقال : قال عبد الله بأيّ ذنب ضُرب كما قال عَنترة : @ الشَّاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشْتُمْهُما والنَّاذِرَيْن إذَا لَقِيتُهُما دَمي @@ وذلك أنهما كانا يقولان : إذا لقينا عنترة لنقتلنَّه . فحكى عنترة قولهما في شعره وكذلك قول الآخر : @ رَجُلانِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا إنَّا رأيْنا رَجُلاً عُرْيانا @@ بمعنى : أخبرانا أنهما ، ولكنه جرى الكلام على مذهب الحكاية . وقرأ ذلك بعض عامة قرّاء الأمصار : { وإذَا المَوْءدَةُ سُئِلَتْ بِأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } بمعنى : سُئلت الموءودة بأيّ ذنب قُتلت ، ومعنى قُتلت : قتلت ، غير أن ذلك ردّ إلى الخبر على وجه الحكاية على نحو القول الماضي قبل ، وقد يتوجه معنى ذلك إلى أن يكون : وإذا الموءودة سئلت قَتَلتُها ووائدوها ، بأيّ ذنب قتلوها ؟ ثم ردّ ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله ، فقيل : بأيّ ذنب قُتِلَت . وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب : قراءة من قرأ ذلك { سُئِلَتْ } بضم السين { بِأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } على وجه الخبر ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه . والموءودة : المدفونة حية ، وكذلك كانت العرب تفعل ببناتها ومنه قول الفرزدق بن غالب : @ ومِنَّا الَّذي أحْيا الوَئِيدَ وَغائِبٌ وعَمْرٌو ، ومنَّا حامِلونَ وَدافِعُ @@ يقال : وأده فهو يئده وأداً ، ووأدة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } : هي في بعض القراءات : « سأَلَتْ بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ » لا بذنب ، كان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته ، ويغذو كلبه ، فعاب الله ذلك عليهم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : جاء قيس بن عاصم التميميّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إني وَأَدت ثماني بنات في الجاهلية ، قال : " فأعْتِقْ عَنْ كُلّ وَاحِدَةٍ بَدَنَةً " حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يَعلى ، عن الربيع بن خيثم { وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } قال : كانت العرب من أفعل الناس لذلك . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعَلى ، عن ربيع بن خيثم بمثله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } قال : البنات التي كانت طوائف العرب يقتلونهنّ ، وقرأ : { بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } . وقوله : { وَإذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } يقول تعالى ذكره : وإذا صحف أعمال العباد نُشرت لهم ، بعد أن كانت مطوية على ما فيها مكتوب ، من الحسنات والسيئات . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } صحيفتك يا بن آدم ، تملى ما فيها ، ثم تُطَوى ، ثم تُنشَر عليك يوم القيامة . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة { نُشِرَتْ } بتخفيف الشين ، وكذلك قرأه أيضاً بعض الكوفيين ، وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة ، بتشديد الشين . واعتلّ من اعتلّ منهم لقراءته ذلك كذلك ، بقول الله : { أنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً } ولم يقل منشورة ، وإنما حسن التشديد فيه ، لأنه خبر عن جماعة ، كما يقال : هذه كِباش مُذَبَّحة ، ولو أخبر عن الواحد بذلك كانت مخففة ، فقيل مذبوحة ، فكذلك قوله منشورة .