Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 15-17)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ما الأمر كما يقول هؤلاء المكذّبون بيوم الدين ، من أن لهم عند الله زُلْفة ، إنهم يومئذٍ عن ربهم لمحجوبون ، فلا يرونه ، ولا يرون شيئاً من كرامته يصل إليهم . وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله : { إنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } فقال بعضهم : معنى ذلك : إنهم محجوبون عن كرامته . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا الوليد مسلم ، عن خليد ، عن قتادة { كَلاَّ إنَّهُمْ عَنْ رَبِّهمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } هو لا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم . حدثني سعيد بن عمرو السكونيّ ، قال : ثنا بقية بن الوليد ، قال : ثنا جرير ، قال : ثني نمران أبو الحسن الذماري ، عن ابن أبي مليكة أنه كان يقول في هذه الآية { إنَّهُم عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } قال : المنَّان ، والمختال ، والذي يقتطع أموال الناس بيمينه بالباطل . وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنهم محجوبون عن رؤية ربهم . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمار الرازيّ ، قال : ثنا أبو معمر المنقريّ ، قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن في قوله : { كَلاَّ إنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } قال : يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون كلّ يوم غُدْوة وعشية ، أو كلاماً هذا معناه . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء القوم أنهم عن رؤيته محجوبون . ويُحتمل أن يكون مراداً به الحجاب عن كرامته ، وأن يكون مراداً به الحجاب عن ذلك كله ، ولا دلالة في الآية تدلّ على أنه مراد بذلك الحجاب عن معنى منه دون معنى ، ولا خبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت حجته . فالصواب أن يقال : هم محجوبون عن رؤيته ، وعن كرامته ، إذ كان الخبر عاماً ، لا دلالة على خصوصه . وقوله : { إنَّهُمْ لَصَالُوا الجَحِيمِ } يقول تعالى ذكره : ثم إنهم لوارِدُو الجحيم ، فمشويُّون فيها ، { ثم يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بهِ تُكَذِّبُونَ } يقول جلّ ثناؤه : ثم يقال لهؤلاء المكذّبين بيوم الدين : هذا العذاب الذي أنتم فيه اليوم ، هو العذاب الذي كنتم في الدنيا تخبرون أنكم ذائقوه ، فتكذّبون به ، وتنكرونه ، فذوقوه الآن ، فقد صَلَيتم به .