Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 23-26)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني تعالى ذكره بقوله : { عَلى الارَائِكِ يَنْظُرُونَ } : على السرر في الحِجال ، من اللؤلؤ والياقوت ، ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعيم ، والحَبْرة في الجنان . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { عَلى الأرَائِكِ } قال : من اللؤلؤ والياقوت . قال : ثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حُصَين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { الأَرَائِكِ } : السُّرُر في الحَجال . وقوله : { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ } يقول تعالى ذكره : تعرف في الأبرار الذين وصف الله صفتهم نَضْرة النعيم ، يعني حُسنه وبريقه وتلألؤه . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { تَعْرِفُ } فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى أبي جعفر القارىء { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ } بفتح التاء من تعرف على وجه الخطاب { نَضْرَةَ النَّعِيمِ } بنصب نضرة . وقرأ ذلك أبو جعفر : « يُعْرَفُ » بضم التاء على وجه ما لم يسمّ فاعله ، في وجوههم نضرةُ النعيم ، برفع نضرة . والصواب من القراءة في ذلك عندنا : ما عليه قرّاء الأمصار ، وذلك فتح التاء من { تَعْرِفُ } ، ونصب { نَضْرَةَ } . وقوله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } يقول : يُسقى هؤلاء الأبرار من خمر صِرف لا غشّ فيها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } قال : من الخمر . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } يعني بالرحيق : الخمر . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } قال : خمر . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الرحيق : الخمر . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثَور ، عن معمر ، عن قتادة { رَحِيقٍ } قال : هو الخمر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } يقول : الخمر . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } الرحيق المختوم : الخمر قال حسان : @ يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ البَرِيصَ عَلَيِهمُ بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ @@ حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } قال : هو الخمر . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : الرحيق : الخمر . وأما قوله : { مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ } فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ممزوج مخلوط ، مِزاجه وخِلطه مِسك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن يزيد بن معاوية ، وعلقمة عن عبد الله بن مسعود { ختِامُهُ مِسْكٌ } قال : ليس بخاتم ، ولكن خلط . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ، قالا : ثنا سفيان ، عن أشعث بن سليم ، عن يزيد بن معاوية ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : أما إنه ليس بالخاتم الذي يختم ، أما سمعتم المرأة من نسائكم تقول : طيب كذا وكذا خِلطه مسك . حدثني محمد بن عُبيد المحاربيّ ، قال : ثنا أيوب ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عمن ذكره ، عن علقمة ، في قوله : { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : خِلطه مسك . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله { مختوم } قال : ممزوج { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : طعمه وريحه . قال : ثنا وكيع ، عن أبيه ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن يزيد بن معاوية ، عن علقمة { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : طعمه وريحه مسك . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن آخر شرابهم يُخْتم بمسك يجعل فيه . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ } يقول : الخمر : خُتِم بالمسك . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : طيَّب الله لهم الخمر ، فكان آخر شيء جعل فيها حتى تختم ، المسك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : عاقبته مسك ، قوم تُمزَج لهم بالكافور ، وتختم بالمسك . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : عاقبته مِسك . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال طيِّب الله لهم الخمر ، فوجدوا فيها في آخر شيء منها ، ريح المسك . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا حاتم بن وردان ، قال : ثنا أبو حمزة ، عن إبراهيم والحسن في هذه الآية : { خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : عاقبته مسك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا أبو حمزة ، عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط ، عن أبي الدرداء { خِتامُهُ مِسْكٌ } فالشراب أبيض مثل الفضة ، يختمون به شرابهم ، ولو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها ، لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها . وقال آخرون : عُنِي بقوله : { مَخْتُومٍ } مُطَيَّن { خِتامُهُ مِسْكٌ } طينه مسك . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ } قال : طينه مسك . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { مَخْتُومٍ } الخمر { خِتامُهُ مِسْكٌ } : ختامه عند الله مسك ، وختامها اليوم في الدنيا طين . وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب : قول من قال : معنى ذلك : آخره وعاقبته مسك : أي هي طيبة الريح ، إن ريحها في آخر شربهم ، يختم لها بريح المسك . وإنما قلنا : ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصحة ، لأنه لا وجه للختم في كلام العرب إلا الطبع ، والفراغ كقولهم : ختم فلان القرآن : إذا أتى على آخره ، فإذا كان لا وجه للطبع على شراب أهل الجنة ، يفهم إذا كان شرابهم جارياً جري الماء في الأنهار ، ولم يكن مُعتقاً في الدنان ، فيُطَيَّن عليها وتختم ، تعين أن الصحيح من ذلك الوجه الآخر ، وهو العاقبة والمشروب آخراً ، وهو الذي ختم به الشراب . وأما الختم بمعنى المزج ، فلا نعلمه مسموعاً من كلام العرب . وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار : { خِتامُهُ مِسْكٌ } سوى الكسائيّ ، فإنه كان يقرؤه : « خاتَمَهُ مِسْكٌ » . والصواب من القول عندنا في ذلك : ما عليه قَرَأَة الأمصار ، وهو { خِتامُهُ } ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه ، والختام والخاتم ، وإن اختلفا في اللفظ ، فإنهما متقاربان في المعنى ، غير أن الخاتم اسم ، والختام مصدر ومنه قول الفرزدق : @ فَبِتْنَ بِجانِبَيَّ مُصَرَّعتٍ وَبِتُّ أفُضُّ أغْلاقَ الخَتامِ @@ ونظير ذلك قولهم : هو كريم الطبائع والطباع . وقوله : { وفِي ذَلكَ فَلْيَتَنافَسِ المُتَنافِسُونَ } يقول تعالى ذكره : وفي هذا النعيم الذي وصف جلّ ثناؤه أنه أعطى هؤلاء الأبرار في القيامة ، فليتنافس المتنافسون . والتنافس : أن ينَفِس الرجل على الرجل بالشيء يكون له ، ويتمنى أن يكون له دونه ، وهو مأخوذ من الشيء النفيس ، وهو الذي تحرص عليه نفوس الناس ، وتطلبه وتشتهيه ، وكان معناه في ذلك : فليجدّ الناس فيه ، وإليه فليستبقوا في طلبه ، ولتحرص عليه نفوسهم .