Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 89, Ayat: 12-15)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : فأكثروا في البلاد المعاصي ، وركوب ما حرّم الله عليهم { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } يقول تعالى ذكره : فأنزل بهم يا محمد ربك عذابَه ، وأحلّ بهم نقمتَه ، بما أفسدوا في البلاد ، وطغَوْا على الله فيها . وقيل : فصَبّ عليهم ربهم سَوط عذاب . وإنما كانت نِقَماً تنزل بهم ، إما ريحاً تُدَمرهم ، وإما رَجفاً يُدَمدم عليهم ، وإما غَرَقاً يُهلكهم ، من غير ضرب بسوط ولا عصا ، لأنه كان من أليم عذاب القوم الذين خوطبوا بهذا القرآن ، الجلد بالسياط ، فكثر استعمال القوم الخبر عن شدّة العذاب الذي يعذّب به الرجل منهم ، أن يقولوا : ضُرب فلان حتى بالسِّياط ، إلى أن صار ذلك مثلاً ، فاستعملوه في كلّ معذَّب بنوع من العذاب شديد ، وقالوا : صَبّ عليه سَوط عذاب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { سَوْطَ عَذَابٍ } قال : ما عذّبوا به . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } قال : العذاب الذي عذّبَهم به سماه : سوط عذاب . وقوله : { إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن ربك يا محمد لهؤلاء الذين قصصت عليك قَصَصَهم ، ولضُرَبائهم من أهل الكفر ، لبالمِرصاد يرصدهم بأعمالهم في الدنيا وفي الآخرة ، على قناطر جَهَنم ، ليكردسهم فيها إذا وردوها يوم القيامة . واختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معنى قوله : { لَبِالمِرْصَادِ } بحيث يرى ويسمع . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ } يقول : يَرى ويسمع . وقال آخرون : يعني بذلك أنه بمَرصد لأهل الظلم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن المبارك بن مجاهد ، عن جُويبر ، عن الضحاك في هذه الآية ، قال : إذا كان يوم القيامة ، يأمر الربّ بكرسيه ، فيوضع على النار ، فيستوي عليه ، ثم يقول : وعزّتي وجلالي ، لا يتجاوزني اليوم ذو مَظلِمة ، فذلك قوله : لَبِالمِرْصَادِ . قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو بن قيس ، قال : بلغني أن على جهنم ثلاث قناطر : قنطرة عليها الأمانة ، إذا مرّوا بها تقول : يا ربّ هذا أمين ، يا ربّ هذا خائن وقنطرة عليها الرحِم ، إذا مرّوا بها تقول : يا ربّ هذا واصل ، يا ربّ هذا قاطع وقنطرة عليها الربّ { إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصادِ } . قال : ثنا مهران ، عن سفيان { إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ } يعني : جهنم عليها ثلاث قناطر : قنطرة فيها الرحمة ، وقنطرة فيها الأمانة ، وقنطرة فيها الربّ تبارك وتعالى . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن { إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ } قال : مِرْصاد عمل بني آدم . وقوله : { فَأمَّا الإنْسانُ إذَا ما ابْتَلاهُ رَبُّهُ } يقول تعالى ذكره : فأما الإنسان إذا ما امتحنه ربه بالنعم والغنى { فَأكْرَمَهُ } بالمال ، وأفضل عليه ، { وَنَعَّمَهُ } بما أوسع عليه من فضله { فَيَقُولُ رَبِّي أكْرَمَنِ } فيفرح بذلك ، ويسرّ به ويقول : ربي أكرمني بهذه الكرامة ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { فَأمَّا الإنْسانُ إذَا ما ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أكْرَمَنِ } وحقّ له .