Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 100-100)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : والذين سبقوا الناس أولاً إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هاجروا قومهم وعشيرتهم وفارقوا منازلهم وأوطانهم ، والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل الكفر بالله ورسوله : { والَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسانٍ } يقول : والذين سلكوا سبيلهم في الإيمان بالله ورسوله والهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ، طَلَبَ رضا الله ، { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } . واختلف أهل التأويل في المعنى بقوله : { والسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ } فقال بعضهم : هم الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان أو أدركوا . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا محمد بن بشر ، عن إسماعيل ، عن عامر : { والسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ } قال : من أدرك بيعة الرضوان . قال : ثنا ابن فضيل ، عن مطرف ، عن عامر ، قال : { المُهاجِرُونَ الأوَّلُونَ } من أدرك البيعة تحت الشجرة . حدثنا ابن بشار ، قال ثنا يحيى ، قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، قال : { المُهاجِرُونَ الأوَّلون } الذين شهدوا بيعة الرضوان . حدثني الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفيان ، عن مطرف ، عن الشعبيّ ، قال : المهاجرون الأوّلون : من كان قبل البيعة إلى البيعة فهم المهاجرون الأولون ، ومن كان بعد البيعة فليس من المهاجرين الأوّلين . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل ومطرِّف عن الشعبي ، قال : { السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ } هم الذين بايعوا بيعة الرضوان . حدثني المثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : ثنا هشيم ، عن داود ، عن عامر ، قال : فصل ما بين الهجرتين بيعة الرضوان ، وهي بيعة الحُديبية . حدثني المثنى ، قال : أخبرنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ومطرِّف ، عن الشعبي ، قال : هم الذين بايعوا بيعة الرضوان . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا عبثر أبو زبيد ، عن مطرف ، الشعبي ، قال : المهاجرون الأوّلون : من أدرك بيعة الرضوان . وقال آخرون : بل هم الذين صلوا القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن قيس ، عن عثمان الثقفي ، عن مولى لأبي موسى ، عن أبي موسى ، قال : المهاجرون الأوّلون : مَنْ صلى القبلتين مع النبي صلى الله عليه وسلم . حدثني الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا قيس بن الربيع ، عن عثمان بن المغيرة ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن مولى لأبي موسى ، قال : سألت أبا موسى الأشعري ، عن قوله : { السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ } قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعاً . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن أبي هلال ، عن أبي قتادة ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : لم سموا المهاجرين الأوّلين ؟ قال : من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم القبلتين جميعاً ، فهو من المهاجرين الأوّلين . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : المهاجرون الأوّلون : الذين صلوا القبلتين . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيِّبِ ، قوله : { السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ } قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعاً . حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عباس بن الوليد ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، مثله . حدثني المثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن بعض أصحابه ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، وعن أشعث ، عن ابن سيرين في قوله : { والسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ } قال : هم الذين صلوا القبلتين . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا معاذ بن معاذ ، قال : ثنا ابن عون ، عن محمد ، قال : المهاجرون الأوّلون : الذين صلوا القبلتين . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : { السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ } قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعاً . وأما الذين اتبعوا المهاجرون الأوّلين والأنصار بإحسان ، فهم الذين أسلموا لله إسلامهم وسلكوا منهاجهم في الهجرة والنصرة وأعمال الخير . كما : حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب ، قال : مرّ عمر برجل وهو يقرأ هذه الآية : { السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصَارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسانٍ } قال : من أقرأك هذه الآية ؟ قال أقرأنيها أبيّ بن كعب . قال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه فأتاه فقال : أنت أقرأت هذا هذه الآية ؟ قال نعم ، قال : وسمعَتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لقد كنت أرانا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا . قال : وتصديق ذلك في أوّل الآية التي في أوّل الجمعة ، وأوسط الحشر ، وآخر الأنفال أما أوّل الجمعة : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } وأوسط الحشر : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنَ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمَانِ } وأما آخر الأنفال : { والَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وجَاهَدُوا مَعَكُمْ فأولَئِكَ مِنْكُمْ } حدثنا أبو كريب ، ثنا الحسن بن عطية ، قال : ثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : مرّ عمر بن الخطاب برجل يقرأ : { السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصَارِ … } حتى بلغ : { وَرَضُوا عَنْهُ } قال : وأخذ عمر بيده فقال : من أقرأك هذا ؟ قال : أبيّ بن كعب . فقال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه فلما جاءه قال عمر : أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا ؟ قال : نعم ، قال : أنت سمعَتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، قال : لقد كنت أظن أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا ، فقال أبيّ : بلى تصديق هذه الآية في أوّل سورة الجمعة : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } … إلى : { وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } وفي سورة الحشر : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنَ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإِيمَانِ } وفي الأنفال : { والَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وجَاهَدُوا مَعَكُمْ فأُولَئِكَ مِنْكُمْ } إلى آخر الآية . ورُوِي عن عمر في ذلك ما : حدثني به أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا حجاج ، عن هارون ، عن حبيب بن الشهيد ، وعن ابن عامر الأنصاري ، أن عمر بن الخطاب قرأ : « السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسانٍ » فرفع « الأنصار » ولم يلحق الواو في « الذين » ، فقال له زيد بن ثابت : « والذين اتبعوهم بإحسان » ، فقال عمر : « الذين اتبعوهم بإحسان » . فقال زيد : أمير المؤمنين أعلم فقال عمر : ائتوني بأبيّ بن كعب فأتاه فسأله عن ذلك ، فقال أبي : { والَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسانٍ } فقال عمر : إذا نُتابع أبيًّا . والقراءة على خفض « الأنصار » عطفا بهم على « المهاجرين » . وقد ذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ : « الأنصارُ » بالرفع عطفا بهم على « السابقين » . والقراءة التي لا أستجيز غيرها الخفض في « الأنصار » ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه ، وأن السابق كان من الفريقين جميعاً من المهاجرين والأنصار . وإنما قصد الخبر عن السابق من الفريقين دون الخبر عن الجميع ، وإلحاق الواو في « الذين اتبعوهم بإحسان » ، لأن ذلك كذلك في مصاحف المسلمين جميعاً ، على أن التابعين بإحسان غير المهاجرين والأنصار . وأما السابقون فإنهم مرفوعون بالعائد من ذكرهم في قوله : { رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ ورضُوا عَنْهُ } ومعنى الكلام : رضي الله عن جميعهم لما أطاعوه وأجابوا نبيه إلى ما دعاهم إليه من أمره ونهيه ، ورضي عنه السابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم إياه وإيمانهم به وبنبيه عليه الصلاة والسلام ، وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار يدخلونها خالدين فيها لابثين فيها أبداً لا يموتون فيها ولا يخرجون منها ، { ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ } .