Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 39-39)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله ، متوعدهم على ترك النفر إلى عدوّهم من الروم : إن لم تنفروا أيها المؤمنون إلى من استنفركم رسول الله ، يعذّبكم الله عاجلاً في الدنيا بترككم النفر إليهم عذاباً موجعاً . { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْما غيرَكُمْ } يقول : يستبدل الله بكم نبيه قوما غيركم ، ينفرون إذا استنفروا ، ويجيبونه إذا دعوا ، ويطيعون الله ورسوله . { وَلا تَضُرُّوه شَيْئاً } يقول : ولا تضرّوا الله بترككم النفير ومعصيتكم إياه شيئاً ، لأنه لا حاجة به إليكم ، بل أنتم أهل الحاجة إليه ، وهو الغنيّ عنكم وأنتم الفقراء { واللَّهُ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } يقول جلّ ثناؤه : والله على إهلاككم واستبدال قوم غيركم بكم وعلى كل ما يشاء من الأشياء قدير . وقد ذكر أن العذاب الأليم في هذا الموضع كان احتباس المطر عنهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا زيد بن الحباب ، قال : ثني عبد المؤمن بن خالد الحنفي ، قال : ثني نجدة الخراساني ، قال : سمعت ابن عباس ، سئل عن قوله : { إلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً ألِيماً } قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر حيًّا من أحياء العرب ، فتثاقلوا عنه ، فأمسك عنهم المطر ، فكان ذلك عذابهم ، فذلك قوله : { إلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً ألِيماً } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد المؤمن ، عن نجدة ، قال : سألت ابن عباس ، فذكر نحوه ، إلا أنه قال : فكان عذابهم أن أمسك عنهم المطر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { إلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً ألِيماً } استنفر الله المؤمنين في لهبان الحرّ في غزوة تبوك قبل الشأم على ما يعلم الله من الجهد . وقد زعم بعضهم أن هذه الآية منسوخة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، عن الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة والحسن البصريّ ، قالا : قال : إلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً ألِيماً وقال : { ما كانَ لأهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بأنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ … } إلى قوله : { لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أحْسَنَ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ } فنسختها الآية التي تلتها : { ومَا كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً … } إلى قوله : { لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } قال أبو جعفر : ولا خبر بالذي قال عكرمة والحسن من نسخ حكم هذه الآية التي ذكروا يجب التسليم له ، ولا حجة تأتي بصحة ذلك ، وقد رأى ثبوت الحكم بذلك عدد من الصحابة والتابعين سنذكرهم بعد . وجائز أن يكون قوله : { إلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً ألِيماً } لخاصّ من الناس ، ويكون المراد به من استنفره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينفر على ما ذكرنا من الرواية عن ابن عباس . وإذا كان ذلك كذلك ، كان قوله : { ومَا كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً } نهياً من الله المؤمنين عن إخلاء بلاد الإسلام بغير مؤمن مقيم فيها ، وإعلاماً من الله لهم أن الواجب النفر على بعضهم دون بعض ، وذلك على من استنفر منهم دون من لم يستنفر . وإذا كان ذلك كذلك لم يكن في إحدى الآيتين نسخ للأخرى ، وكان حكم كل واحدة منهما ماضياً فيما عُنِيَتْ به .