Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 7-10)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } أي : فلا يتوقعون الجزاء { وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } أي : لا يتفكرون فيها { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } أي : بسببه ، إلى مأواهم ، وهي الجنة ، وإنما لم تذكر تعويلا على ظهورها ، وانسياق النفس إليها ، لا سيما بملاحظة ما سبق من بيان مأوى الفكرة { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } أي : من تحت منازلهم أو بين أيديهم . { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } أي : دعاؤهم هذا الكلام ؛ لأن ( اللهم ) نداء ، ومعناه : اللهم إنما نسبحك ، كقول القانت : اللهم إياك نعبد . يقال : دعا يدعو دعاء ودعوى ، كما يقال : شكا يشكو شكاية وشكوى . ويجوز أن يراد بالدعاء العبادة ، ونظيره آية : { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ مريم : 48 ] { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أي : ما يحيي به بعضهم بعضاً ، أو تحية الملائكة إياهم ، كما في قوله تعالى : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [ الرعد : 23 - 24 ] أو تحية الله عز وجل لهم ، كما في قوله تعالى : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] . و ( التحية ) التكرمة بالحالة الجليلة . أصلها : أحياك الله حياة طيبة . و ( السلام ) بمعنى السلامة عن كل مكروه . { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ } أي : وخاتمة دعائهم هو التسبيح { أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي : حمده تعالى . والمراد من الآية أن دعاء أهل الجنة وعبادتهم هو قولهم : سبحانك اللهم وبحمدك . وإيثار التعبير عن ( وبحمدك ) ، بقوله : { وَآخِرُ } إلخ رعاية للفواصل ، واهتماماً بالحمد وما معه من النعوت الجليلة ، تذكيراً بمسماها . والآية تدل على سمو هذا الذكر ؛ لأنه دعاء أهل الجنة وذكر الملائكة ، كما قالوا : { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } [ البقرة : 30 ] . ولذلك ندب قراءته بعد تكبيرة الإحرام . قال الرازي : لما استسعد أهل الجنة بذكر ( سبحانك اللهم وبحمدك ) ، وعاينوا ما فيه من السلامة عن الآفات والمخافات ، علموا أن كل هذه الأحوال السنية ، والمقامات القدسية ، إنما تيسرت بإحسان الحق سبحانه وإفضاله وإنعامه ، فلا جرم اشتغلوا بالحمد والثناء . ولما بين تعالى وعيده الشديد ، أتبعه بما دل على أن من حقه أن يتأخر عن هذه الحياة الدنيوية ، لأن حصوله في الدنيا كالمانع من بقاء التكليف ، فقال تعالى : { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ … } .