Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 109-109)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } أي : لا ملائكة من أهل السماء . ردّ لقول المشركين : { لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } [ فصلت : 14 ] . وهذا كقوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ } [ الفرقان : 20 ] . وقوله : { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } [ الأنبياء : 8 ] وقوله : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } [ الأحقاف : 9 ] . واحتج بقوله تعالى : { إِلاَّ رِجَالاً } على أنه لم ينتظم في سلك النبوّة امرأة . والقرى : جمع قرية ، وهي على ما في ( القاموس ) : المصر الجامع . وفي ( كفاية المتحفظ ) : القرية كل مكان اتصلت به الأبنية ، واتخذ قراراً ، وتقع على المدن وغيرهما . انتهى . قال ابن كثير : والمراد بالقرى هنا المدن . أي : لا أنهم من أهل البوادي الذين هم أجفى الناس طباعاً وأخلاقاً . وهذا هو المعهود المعروف : أن أهل المدن أرقّ طباعاً ، وألطف من أهل بواديهم . وأهل الريف والسواد أقرب حالاً من الذين يسكنون في البوادي . ولهذا قال تعالى : { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً } الآية [ التوبة : 97 ] . قال قتادة : إنما كانوا من أهل القرى لأنهم أعلم وأحلم من أهل العمور . وقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ } أي : هؤلاء المكذّبون ، { فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ } أي : نظر تفكّر ، { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي : من الأمم المكذّبة . كقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ } الآية [ الحج : 46 ] ، فإذا استمعوا خبر ذلك ، رأوا أن الله أهلك الكافرين ، ونجى المؤمنين . وهذه كانت سنته تعالى في خلقه ، ولهذا قال تعالى : { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي : الشرك والفواحش ، وآمنوا بالله ورسله وكتبه . قال ابن كثير : أي : وكما نجينا المؤمنين في الدنيا ، كذلك كتبنا لهم النجاة في الدار الآخرة ، وهي خير لهم من الدنيا . كقوله تعالى : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } [ غافر : 51 ] . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي : تستعملون عقولكم ، فتعلموا أن الآخرة خير . أو تعلموا كيف عاقبة أولئك . ثم بيّن تعالى أن العاقبة لرسله ، وأن نصره يأتيهم إذا تمادى تكذيبهم ، تثبيتاً لفؤاده عليه الصلاة والسلام ، فقال سبحانه : { حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ … } .