Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 10-10)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ } أي : في نفسه { وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } أي : لغيره { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ } أي : طالب الخفاء في مختبأ بالليل في ظلمته { وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } أي : ذاهب في سربه ، أي : في طريقه يبصره كل أحد . لطيفة قيل : إن ( سواء ) بمعنى الاستواء وهو يقتضي ذكر شيئين ، وهنا إذا كان { وَسَارِبٌ } معطوفاً على جزء الصلة أو الصفة ، يكون شيئاً واحداً . وأجيب عنه بوجهين : الأول : أن { وَسَارِبٌ } معطوف على { مَنْ هُوَ } لا على { مُسْتَخْفٍ } كأنه قيل : سواء منكم إنسان هو مستخف وآخر هو سارب . والثاني : إنه عطف على { مُسْتَخْفٍ } . إلا أن { مَنْ } في معنى الاثنين كقوله : @ نَكُنْ مِثْلَ مَنْ ياَ ذِئِبُ يَصْطَحِبَانِ @@ كأنه قيل : سواء منكم اثنان هما مستخف وسارب . وعلى الوجهين ( من ) موصوفة لا موصولة . فيحمل الأولان على ذلك ليتوافق الكل . وهناك وجه آخر : وهو أن يكون الموصول محذوفاً وصلته باقية ؛ والمعنى : ومن هو مستخف بالليل ومن هو سارب بالنهار . وحذف الموصول المعطوف وبقاء صلته شائع . خصوصاً وقد تكرر الموصول في الآية ثلاثاً . ومنه قوله تعالى : { وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } [ الأحقاف : 9 ] والأصل : ولا ما يفعل بكم . وإلا كان حرف النفي دخيلاً في غير موضعه . لأن الجملة الثانية لو قدرت داخلة في صلة الأول بواسطة العاطف ، لم يكن للنفي موقع ، وإنما صحب في الأول الموصول لا الصلة ، ومنه قول حسان رضي الله عنه : @ فَمَنْ يَهْجُو رسول الله منكم ويمدحُهُ وينصرهُ سَوَاءُ ! @@ أي : ومن يمدحه وينصره . وهذا الأخير نقله الناصر في ( الانتصاف ) وهو وجيه جدّاً . وأما تضعيف غيره له ، بلزوم حذف الموصول وصدر الصلة معاً ، وأن النجاة ، وإن ذكروا جواز كل منهما ، لكن اجتماعهما منكر - فهو المنكر ، لأن أسلوب التنزيل هو الحجة ، وإليه التحاكم في كل فنٍ ومحجّة ، والجمود على القواعد ورد ما خالفها ، إليها - من التعصّب واللجاج ، والغفلة عن مقام التنزيل في الاحتجاج !