Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 8-9)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } جملة مستأنفة ، جواب سؤال وهو : لماذا لم يجابوا لمقترحهم فتنقطع حجتهم فلعلهم يهتدون بأنه آمر مدبر عليم نافذ القدرة فعّال لما تقتضيه حكمته البالغة دون آرائهم السخيفة ؟ وهذا على أن ( الهادي ) بمعنى ( الداعي إلى الحق ) . وإن كان المراد به الله سبحانه ، فالجملة تفسير لقوله : { هَادٍ } أو مقررة مؤكدة لذلك - كذا في ( العناية ) . وأشار الرازي إلى أن الآية : إما متصلة بما قبلها مشيرة إلى أنه تعالى واسع العلم لا يخفى عليه أن اقتراحهم عناد وتعنت ، وأنهم لا يزدادون بإظهار مقترحهم إلا عناداً ، فلذا لم يجابوا إليه . وإما متصلة بقوله : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } يعني : أنه تعالى عالم بجميع المعلومات . فهو تعالى إنما ينزل العذاب بحسب ما يعلم أن فيه مصلحة . ثم إن لفظ { مَا } في قوله تعالى : { مَا تَحْمِلُ } مصدرية أو موصولة ، أي : حملها أو ما تحمله من الولد ، على أي حالة هو من ذكورة وأنوثة ، وتمام وخداج ، وحسن وقبح ، وطول وقصر … وغير ذلك من الأحوال الحاضرة والمترقبة . { تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } أي : تنقص من الحمل { وَمَا تَزْدَادُ } أي : تأخذه زائداً . قال الزمخشري : ومما تنقصه الرحم وتزداده ، عدد الولد . فإنها تشمل على واحد . وقد تشتمل على اثنين وثلاثة وأربعة ، ويروى أن شريكاً كان رابع أربعة في بطن أمه ، ومنه جسد الولد فإنه يكون تاماً ومخدجاً . ومنه مدة ولادته فإنها تكون أقل من تسعة أشهر . وأزيد عليها ، ومنه الدم فإنه يقل ويكثر . { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } أي : بقدرٍ وحَدٍّ لا يجاوزه حسب قابليته كقوله تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [ القمر : 49 ] وقوله : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } [ الفرقان : 2 ] وذلك أنه تعالى خص كل مكوَّن بوقت وحل معينين ، وهيأ لوجوده وبقائه أسباباً مسوقة إليه تقتضي ذلك { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ } أي : ما غاب عن الحس { وَٱلشَّهَادَةِ } أي : ما شهده الحس { ٱلْكَبِيرُ } أي : العظيم الشأن الذي كل شيء دونه { ٱلْمُتَعَالِ } أي : المستعلي على كل شيء بقدرته . أو المنزه عن صفات المخلوقين ، المتعالي عنها . وأكثر القرّاء على حذف ياء { ٱلْمُتَعَالِ } تخفيفاً ، وصلاً ووقفاً ، وقرئ بإثباتها فيهما على الأصل .