Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 94-96)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } أمر من ( الصدع ) بمعنى الإظهار والجهر ، من ( انصداع الفجر ) . أو من ( صدع الزجاجة ) ونحوها وهو تفريق أجزائها . أي : افرق بين الحق والباطل { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي : الذين يرومون صدك عن التبليغ ، فلا تبال بهم { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } أي : حَفِظْنَاكَ مِنْ شَرّهم ، فلا ينالك منهم ما يحذر . وهذا ضمان منه تعالى ، له صلوات الله عليه ، لينهض بالصدع نهضة من لا يهاب ولا يخشى . كما قال تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [ المائدة : 67 ] . { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ } وصفهم بذلك ، تسلية له عليه الصلاة والسلام ، وتهوينا للخطب عليه ، بأنهم أصحاب تلك الجريمة العظمى ، التي هي أكبر الكبائر ، التي سيخذلون بسببها . كما قال : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } أي : عاقبة أمرهم . وقد جوز في الموصول أن يكون صفة ( للمستهزئين ) ومنصوباً بإضمار فعل . ومرفوعا بتقدير ( هم ) . وفي الآية وعيد شديد لمن جعل معه تعالى معبوداً آخر . وقد أشار كثير من المفسرين إلى أن قوله تعالى : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } عنى به ما عجله من إهلاكهم ، كما روى ابن إسحاق عن عروة : أن عظماء المستهزئين كانوا خمسة نفر . وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم : من بني أسد أبو زمعة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه ، فقال : " اللهم ، أعم بصره وأثكله ولده " ومن بني زهرة الأسود . ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة . ومن بني سهم العاص بن وائل . ومن خزاعة الحارث . فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء ، أنزل الله تعالى : { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } إلى قوله : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } قال ابن إسحاق عن عروة . إن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت . فقام وقام رسول الله إلى جنبه ، فمر به الأسود فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات منه . ومر به الوليد فأشار إلى أثر جراح بأسفل كعب رجله ، كان أصابه قبل ذلك بسنتين . فانتقض به فقتله . ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص قدمه ، فخرج على حمار يريد الطائف ، فربض على شبرقة فدخلت في أخمص قدمه . ومر به الحارث فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله . انتهى . ومثله ما رواه ابن مسعود : قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصلي في ظل الكعبة . وناس من قريش وأبو جهل قد نحروا جزوراً في ناحية مكة : فبعثوا فجاءوا بسلاها وطرحوه بين كتفيه وهو ساجد . فجاءت فاطمة فطرحته عنه . فلما انصرف قال : " اللهم ، عليك بقريش وبأبي جهل وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط " . قال ابن مسعود رضي الله عنه : فلقد رأيتهم قتلى في قليب بدر .