Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 70-71)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ } أي : أنشأكُمْ من العدم { ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } أي : أضعفه وأردئه وهو الهرم . وقوله تعالى : { لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً } اللام للصيرورة والعاقبة . أي : فيصيرُ ، إن كان عالما ، جاهلاً . فيريكم من قدرته أنه كما قدر على نقله من العلم إلى الجهل ، أنه قادر على إحيائه بعد إماتته . قال في ( العناية ) : وكونه غير عالم بعد علمه ، كناية عن النسيان ؛ لأن الناسي يعلم الشيء ثم ينساه ، فلا يعلم بعد ما علم . أو العلم بمعنى الإدراك والتعقل ، والمعنى لا يترقى في إدراك عقله وفهمه ؛ لأن الشاب في الترقي ، والشيخ في التوقف والنقصان . وفي ( الكشاف ) : ليصير إلى حالة شبيهة بحال الطفولية في النسيان . وأن يعلم شيئا ثم يسرع في نسيانه ، فلا يعلمه إن سئل عنه . وقيل لئلا يعقل بعد عقله الأول شيئاً ، وقيل : لئلا يعلم زيادة علم على علمه الأول . و { شَيْئاً } منصوب على المصدرية أو المفعولية . وجوز فيه التنازع بين ( يعلم ) و ( علم ) وكون مفعول ( علم ) محذوفاً لقصد العموم . أي : لا يعلم شيئاً ما بعد علم أشياء كثيرة . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ * وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ } أي : جعلكم متفاوتين فيه ، فرزقكم أفضل مما رزق مماليككم ، وهم بشر مثلكم { فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ } أي : في الرزق ، وهم الملاك { بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } أي : بمعطيهم إياه { فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } أي : فيستووا مع عبيدهم في الرزق . والآية مثل ، ضرب للذين جعلوا له تعالى شركاء . أي : أنتم لا تسوون بينكم وبين عبيدكم فيما أنعمت به عليكم . ولا تجعلونهم فيه شركاء . ولا ترضون ذلك لأنفسكم . فكيف رضيتم أن تجعلوا عبيدي لي شركاء في الإلهية والتعظيم ؟ كما قال في الأخرى : { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } الآية [ الروم : 28 ] . { أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي : فَيُشْرِكُونَ مَعَهُ غيره وهو المنعم عليهم . أو حيث أنكروا أمثال هذه الحجج البالغة بعدما أنعم بها عليهم . فإنه لا نعمة على العالم أجل من إقامة الحجج وإيضاح السبل بإرسال الرسل .