Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-90)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ } أي : فيما نزله تبياناً لكل شيء { بِٱلْعَدْلِ } وهو القسط والتسوية في الحقوق فيما بينكم . وترك الظلم وإيصال كل ذي حق إلى حقه { وَٱلإحْسَانِ } أي : التفضل بأن يقابل الخير بأكثر منه ، والشر بأن يعفو عنه { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي : إعطاء القرابة ما يحتاجون إليه { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } أي : عما فحش من الذنوب وأفرط قبحها كالزنى : { وَٱلْمُنْكَرِ } أي : كل ما أنكره الشرع { وَٱلْبَغْيِ } أي : العدوان على الناس { يَعِظُكُمْ } أي : بما يأمركم وينهاكم { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي : تَتَّعِظُونَ بمواعظ الله ، فتعملون بما فيه رضا الله تعالى . روى ابن جرير عن ابن مسعود : إن أجمع آية في القرآن ، لخير وشر ، هذه الآية . وروى الإمام أحمد : أن عثمان بن مظعون مرّ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس بفناء بيته . فكشر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال له : " ألا تجلس ؟ " فقال : بلى . فجلس . ثم أوحي إليه هذه الآية فقرأها عليه . قال عثمان : فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمداً صلى الله عليه وسلم . ولما تليت الآية على أكثم بن صيفيّ قال لقومه : إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها ؛ فكونوا في هذا الأمر رؤساء ولا تكونوا فيه أذناباً . وعن عكرمة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ على الوليد بن المغيرة هذه الآية فقال له : يا ابن أخي ، أعد عليَّ . فأعادها . فقال له الوليد : والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وما هو بقول البشر . وقد نقل أن بني أمية كانوا يسبّون علياً ، كرم الله وجهه ، في خطبهم . فلما آلت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، أسقط ذلك منها وأقام هذه الآية مقامه . وهو من أعظم مآثره . قال الناصر : ولعل المعوض بهذه الآية عن تلك الهنات ، لاحظ التطبيق بين ذكر النهي عن البغي فيها ، وبين الحديث الوارد في أن المناصب لعليّ باغ . حيث يقول عليه الصلاة والسلام لعمار ( وكان من حزب عليّ ) : تقتلك الفئة الباغية . فقتل مع عليٍّ يوم صفين . انتهى . ولما فيها أيضاً من العدل والإحسان إلى ذوي القربى ، وكونها أجمع آية لاندراج ما ذكر فيها . والله أعلم . ثم بين تعالى أمره بالوفاء بالعهد والميثاق ، والمحافظة على المؤكدة ، بقوله : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا … } .