Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 172-172)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : ما أخلصناه لكم من الشُّبَه ، ولا تعرضوا لما فيه دنس - كما أحلّه المشركون من المحرّمات - ولا تحرّموا ما أحلّوا منها من السائبة وما معها { وَٱشْكُرُواْ للَّهِ } - الذي رزقكم هذه النعم - { إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ } - أي : وحده - { تَعْبُدُونَ } أي : إن صَحَّ أنكم تخصّونه بالعبادة ، وتقرّون أنه سبحانه هو المنعم لا غير . قال الإمام ابن تيمية في جواب أهل الإيمان : الطيبات التي أباحها هي المطاعم النافعة للعقول والأخلاق ، والخبائث هي الضارة في العقول والأخلاق . كما أن الخمر أم الخبائث لأنها تفسد العقول والأخلاق ، فأباح الله الطيبات للمتّقين التي يستعينون بها على عبادة ربهم التي خلقوا لها ، وحرّم عليهم الخبائث التي تضرّهم في المقصود الذي خلقوا له . وأمرهم - مع أكلها - بالشكر ، ونهاهم عن تحريمها . فمن أكلها ولم يشكر ترك ما أمر الله به واستحقّ العقوبة . ومن حرّمها - كالرهبان - فقد تعدّى حدود الله فاستحق العقوبة . وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله ليرضى عن العبد أنْ يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها " ، وفي حديث آخر : " الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر " . وقال تعالى : { لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } [ التكاثر : 8 ] أي : عن شكره ؛ فإنّه لا يبيح شيئاً ويعاقب مَنْ فعله . ولكن يسأله عن الواجب الذي أوجبه معه . وعمّا حرّمه عليه . هل فرّط بترك مأمور أو فعل محظور ؟ كما قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } [ المائدة : 78 ] . ولَما قيّد تعالى الإذن لهم بالطيّب من الرزق . افتقر الأمر إلى بيان الخبيث منه ليجتنب ، فبيّن صريحاً ما حرّم عليهم - مما كان المشركون يستحلّونه ويحرّمون غيره - وأفهم حلّ ما عداه ، وأنّه كثيرٌ جداً ليزداد المخاطَب شكراً ، فقال : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ … } .