Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 214-214)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم } أي : من الأنبياء ومَن معهم مِن المؤمنين ، أي : والحال أنه لم يأتكم مثلهم بعد ، ولم تبتلوا بما ابتلوا به من الأحوال الهائلة التي هي مثل في الفظاعة والشدة ، سنة الله التي لا تتبدّل { مَّسَّتْهُمُ } اسستئناف وقع جواباً عما ينساق إليه الذهن ، كأنه قيل : كيف كان مثلهم ؟ فقيل : مسّتهم { ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ } أي : الشدائد والآلام { وَزُلْزِلُواْ } أي : أزعجوا ، ممّا دهمهم من الأهوال والإفراع ، إزعاجا ًشديداً شبيهاً بالزلزلة التي تكاد تهدّ الأرض وتدكّ الجبال { حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ } أي : انتهى أمرهم من الشدة إلى حيث اضطرهم الضجر إلى أن يقول الرسول - وهو أعلم الناس بشؤون الله تعالى ، وأوثقهم بنصره ، وداعيهم إلى الصبر - { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } - وهم الأثبت بعده ، العازمون على الصبر ، الموقنون بوعد النصر - { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } - استبطاء له ، واستطالةً لمدّة الشدة والعناء - فيقال لهم : { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } كما قال تعالى : { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } [ الشرح : 5 - 6 ] أي : فاصبروا كما صبروا تظرفوا … ! وقد حصل من هذا الابتلاء جانب عظيم للصحابة رضي الله عنهم يوم الأحزاب ، كما قال الله تعالى : { إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ * هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً … } [ الأحزاب : 10 - 12 ] الآيات . وروى البخاري عن خبّاب بن الأرَتّ رضي الله عنه قال : " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردةً له في ظلّ الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال : " قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشَط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، فما يصدّه ذلك عن دينه . والله ! ليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون … ! " " . وفي رواية : … وهو متوسدٌ بُردةً ، وقد لقينا من المشركين شدة . ولما سأل هرقل أبا سفيان : هل قاتلتموه ؟ قال : نعم ! قال : فكيف كانت الحرب بينكم قال : سِجالاً ، يدال علينا ونُدال عليه . قال : كذلك الرسل تبتلى ثمّ تكون لها العاقبة ! وهذه الآية كآية : { الۤـمۤ * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } [ العنكبوت : 1 - 3 ] .