Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 47-48)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ } أي : عقوبة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي : من الكفر والفساد { فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي : بها . وجواب { لَوْلاۤ } الأولى محذوف ، ثقة بدلالة الحال عليه . أي : ما أرسلناك . لكن قولهم هذا عند عقوبتهم محقق . ولذا أرسلناك قطعاً لمعاذيرهم . قال الزمخشري : ولما كانت أكثر الأعمال تزاول بالأيدي ، جعل كل عمل معبرا عنه باجتراح الأيدي ، وتقديم الأيدي ، وإن كان من أعمال القلوب . وهذا من الاتساع في الكلام ، وتصيير الأقل تابعاً للأكثر ، وتغليب الأكثر على الأقل { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } أي : من قلب العصا حية ، وفلق البحر ، وغيرهما من الآيات . تعنتاً وعناداً كما قالوا : { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } [ هود : 12 ] وما أشبه ذلك . وقوله : { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } رد عليهم ، وإظهار لكون ما قالوه تعنتاً محضاً ، لا طلباً لما يرشدهم إلى الحق . أي أو لم يكفر أبناء جنسهم ، ومَنْ مذهبهم مذهبهم ، وعنادهم عنادهم وهم القبط ، بما أوتي موسى من الكتاب { قَالُواْ } أي : في موسى وهارون عليهما السلام { سِحْرَانِ } { تَظَاهَرَا } أي : تعاونا . وقرئ " سِحْرَانِ " أي ذوا سحرين ؛ أو جعلوهما سحرين مبالغة { وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } . ثم أشار تعالى إلى أن الآية العظمى للنبيّ صلوات الله عليه ، هي الآيات النفسية العلمية ، لا الكونية الآفاقية التي كانت لغيره ، جرياً على سنة الارتقاء . فإن النوع الإنسانيّ كان ، لما جاء الإسلام قد استعد إلى معرفة الحق من الباطل بالبرهان ، والتمييز بين الخير والشر بالدليل والحجة . وكان لا بد له في هذا الطور من معلّم ومرشد ، كما في الأطوار الأخرى ، أرسل الله إليه رسولاً يهديه إلى طرق النظر والاستدلال ، ويأمره بأن يرفض التقليد البحت والتسليم الأعمى . وأن لا يأخذ شيئاً إلا بدليل وبرهان ، يوصل إلى العلم . فكانت عمدته صلى الله عليه وسلم في الاستدلال على نبوّته ورسالته نفسه الكريمة ، ما جاء به من النور والهدى ، كالطبيب الذي يستدل على إتقانه صناعة الطب ، بما يبديه من العلم والعمل الناجح فيها . وقد بسط هذا في مواضعه . وهذا معنى قوله تعالى : { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ … } .