Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 11-12)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هَـٰذَا } أي : ما ذكر من السماوات والأرض . وما تعلق بهما من الأمور المعدودة { خَلْقُ ٱللَّهِ } أي : مخلوقه { فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } أي : مما اتخذتموهم شركاء له سبحانه في العبادة { بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } إضراب عن تبكيتهم بما ذكر ، إلى التسجيل عليهم بالضلال البيّن المستدعى للإعراض عن مخاطبتهم بالمقدمات المعقولة الحقة ، لاستحالة أن يفهموا منها شيئاً ، فيهتدوا به إلى العلم ببطلان ما هم عليه . أو يتأثروا من الإلزام والتبكيت فينزجروا عنه . ووضعُ الظاهر موضع ضميرهم ، للدلالة على أنهم بإشراكهم واضعون للشيء في غير موضعه . ومتعدون عن الحدود . وظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد . أفاده أبو السعود . ثم أشار تعالى إلى أن بطلان الشرك مقول على لسان ذوي الحكمة . كيف لا ؟ والتوحيد أساس الحكمة ، بقوله سبحانه : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } يعني استكمال النفس بالعلوم النظرية ، وملكة الأفعال الفاضلة بقدر الطاقة البشرية ، آمرين له على لسان نبيّ أو بطريق الإلهام ( على قول الجمهور : أنه حكيم ) أو الوحي ( على قول عكرمة : أنه نبيّ ) { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } أي : على ما أعطاك من نعمه ، من أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً . كذا قاله المهايميّ . والأظهر أن { أَنْ } مفسرة . فإن إيتان الحكمة في معنى القول . والشكر كلمة تجمع ما تدور عليه سعادة الدنيا والآخرة . لأنه صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه إلى ما خلق لأجله { وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } لعود ثمرات شكره عليه { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي : غنيّ عن كل شيء . فلا يحتاج إلى الشكر وحقيق بالحمد . بل نطق بحمده كل موجود . تنبيه قال ابن كثير : اختلف السلف في لقمان . هل كان نبيّا أو عبداً صالحاً من غير نبوة ، على قولين : الأكثرون على الثاني . ويقال إنه كان قاضيا على بني إسرائيل ، في زمن داود عليه السلام . وما روى من كونه عبدا مسّه الرق ، ينافي كونه نبيّا . لأن الرسل كانت تبعث في أحساب قومها . ولهذا كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبياً ، وإنما ينقل كونه نبيا عن عكرمة ، إن صح السند إليه . فإنه رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة . قال : كان لقمان نبياً . وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفيّ . وهو ضعيف . والله أعلم . انتهى . وزعم بعضهم أن لقمان هو بلعام المذكور في التوراة ، وكان حكيم شعب وثنيّ . وكان منبأ عن الله تعالى . وأغرب في تقريبه ، بأن الفعل العربيّ وهو ( لقم ) معناه بالعبريّ بلع . والله أعلم . وقد نظم السيوطيّ من اختلف في نبوته ، فقال : @ واختلفت في خضر أهل النقول قيل نبيّ أو وليٌّ أو رسول لقمان ، ذي القرنين ، حوا ، مريم والوقف في الجميع رأى المعظم @@ ثم قرن لقمان ، بوصيته إياه بعبادة الله وحده ، البرَّ بالوالدين ، كما قال تعالى : { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [ الإسراء : 23 ] وكثيراًَ ما يقرن تعالى بين ذلك في القرآن الكريم . وقال ههنا : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ … } .