Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 13-14)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ } أي : بالإحسان إليهما ، لاسيما الوالدة . لأنه { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } أي : ضعفا فوق ضعف إلى الولادة . و { وَهْناً } . حال من { أُمُّهُ } أي : ذات وهن . أو مصدر مؤكد لفعل هو الحال . أي : تهن وَهْناً . وقوله : { عَلَىٰ وَهْنٍ } صفة للمصدر . أي : كائناً على وهن . أي : تضعف ضعفا فوق ضعف . فإنها لا تزال يتزايد ضعفها . لأن الحمل كلما عظم ازدادت ثقلا وضعفا { وَفِصَالُهُ } أي : فطامه { فِي عَامَيْنِ } ثم فسَّر الوصية بقوله سبحانه : { أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } أي : بأن تعرف نعمة الإحسان ، وتقدره قدره . قال في البصائر : الشكر مبني على خمس قواعد : خضوع الشاكر للمشكور . وحبه له ، واعترافه بنعمته . والثناء عليه بها . وأن لا يستعملها فيما يكره . هذه الخمسة هي أساس الشكر وبناؤه عليها . فإن عدم منها واحدة ، اختلّت قاعدة من قواعد الشكر . وكل من تكلم في الشكر ، فإن كلامه إليها يرجع وعليها يدور . انتهى . وقوله تعالى : { إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } تعليل لوجوب الامتثال . أي : إليّ الرجوع ، لا إلى غيري فأجازيك على ما صدر عنك من الشكر والكفر . تنبيهات الأول : قال الزمخشري : فإن قلت : قوله تعالى : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } كيف اعتراض به بين المفسر والمفسر ؟ قلت : لما وصى بالوالدين ، ذكر ما تكابده الأم وتعانيه من المشاق والمتاعب في حمله وفصاله هذه المدة المتطاولة ، إيجاباً للتوصية بالوالدة خصوصا ، وتذكيراً بحقها العظيم مفردا . ومن ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمن قال له من أبرّ ؟ : " أمك ثم أمك ثم أمك " ثم قال بعد ذلك : " ثم أباك " وعن بعض العرب أنه حمل أمه إلى الحج على ظهره وهو يقول في حدائه بنفسه . @ أحْمِلْ أُمِّى وَهِىَ الحَمَّالَهْ تُرْضِعُني الدِّرَّةَ وَالعُلاله وَلا يُجازَى وَالدٌ فَعَاله @@ الثاني : قال الحافظ ابن كثير : وقوله تعالى : { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } كقوله : { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } [ البقرة : 233 ] ومن ههنا استنبط ابن عباس وغيره من الأئمة ، أن أقل مدة الحمل ستة أشهر . لأنه قال في الآية الأخرى { وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً } [ الأحقاف : 15 ] وإنما يذكر تعالى تربية الوالدة وتعبها ومشقتها في سهرها ليلا ونهارا ، ليذكّر الولد بإحسانها المتقدم إليه . كما قال تعالى : { وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } [ الإسراء : 24 ] . الثالث : قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى توقيت الفصال بالعامين ؟ قلت : المعنى في توقيته بهذه المدة ، أنها الغاية التي لا تتجاوز . والأمر فيما دون العامين موكول إلى اجتهاد الأم ، إن علمت أنه يقوى على الفطام ، فلها أن تفطمه . ويدل عليه قوله تعالى : { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } [ البقرة : 233 ] .